في أحدهما ثابتا في الآخر بالنص أيضا لا بالمقايسة، لأنه ليس بينهما فرق في حكم الصوم الشرعي سوى اختلاف الاسم، فإن الاقدام على كل واحد منهما فيه تفويت ركن الصوم، لأنه جناية على محل الفعل من بضع أو طعام، وهو نظير جزء الرقبة مع شق البطن فإنهما فعلان مختلفان في الاسم، وكل واحد منهما قتل موجب للقود بالنص لا بالقياس. وكذلك من به سلس البول يتوضأ لوقت كل صلاة كالمستحاضة، وكان الحكم في كل واحد منهما ثابتا بالنص لا بالقياس، لان النص ورد عند استدامة العذر. وعلى هذا قلنا:
من سبقه الحدث في خلال الصلاة بأي وجه سبقه فإنه يتوضأ ويبني على صلاته بالنص، وذلك حكم معدول به عن القياس، وإنما ورد النص في القئ والرعاف، ثم جعل ذلك ورودا في سائر الاحداث الموجبة للوضوء ولم يجعل ورودا في الحدث الموجب للاغتسال لتحقق المغايرة فيما بينهما.
فإن قيل: فكذلك نقول في المكره والخاطئ، فالمساواة بينهما وبين الناسي ثابت من حيث إن كل واحد منهما غير قاصد إلى الجناية على الصوم.
قلنا: نعم ولكن هذا إنما يستقيم إذا ثبت أن القصد معتبر في تفويت ركن الصوم، وإذا كان القصد لا يعتبر في تحقق ركن الصوم حتى إن من كان مغمى عليه في جميع النهار يتأدى ركن الصوم منه، فكذلك ترك القصد لا يمنع تحقق فوات ركن الصوم، وكذلك مع عدم القصد قد يتحقق فوات ركن الصوم وانعدام الأداء به، فإن من أغمي قبل غروب الشمس وبقي كذلك إلى آخر الغد فإنه لا يكون صائما، وإن انعدم منه القصد إلى ترك الصوم، ثم لا مساواة أيضا بين الخاطئ والمكره وبين الناسي فيما يرجع إلى عدم القصد، فإن الخاطئ إنما انعدام القصد منه باعتبار قصده إلى المضمضة، وإنما ابتلي بالشرب خطأ بطريق يمكن التحرز عنه. وأما الناسي فانعدم القصد منه لعدم علمه بالصوم أصلا وذلك بنسيان لا صنع له فيه، وإليه أشار عليه السلام في قوله: إن الله أطعمك وسقاك ولما كان سبب العذر ممن له الحق على وجه لا صنع للعباد فيه استقام أن يجعل الركن باعتباره