بالرأي. وكذلك فعل عمر رضي الله عنه بالامتناع من الصلاة على من شهد الله بكفره وهو العزيمة، لان الصلاة على الميت المسلم يكون إكراما له وذلك لا يشك فيه إذا كان المصلي عليه رسول الله (ص)، إلا أن التقدم للصلاة عليه كان بطريق حسن العشرة، ومراعاة قلوب المؤمنين من قراباته، فجذب عمر رداءه تمسكا بما هو العزيمة، وتعظيما لرسول الله لا قصدا منه إلى مخالفته. وكذلك حديث علي فإنه أبى أن يمحو ذلك تعظيما لرسول الله وهو العزيمة، وقد علم أن رسول الله ما قصد بما أمر به إلا تتميم الصلح لما رأى فيه من الحظ للمسلمين بفراغ قلوبهم، ولو علم علي أن ذلك كان أمرا بطريق الالزام لمحاه من ساعته، ألا ترى أنه قال لرسول الله (ص):
إنك ستبعثني في أمر أفأكون فيه كالسكة المحماة أم الشاهد يرى ما لا يرى الغائب؟ فقال: بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب فبهذا تبين أنه عرف بأن ذلك الامر منه لم يكن إلزاما ورأى إظهار الصلابة في الدين بمحضر من المشركين عزيمة فتمسك به، ثم الرغبة في الصلح مندوب إليه الامام بشرط أن يكون فيه منفعة للمسلمين، وتمام هذه المنفعة في أن يظهر الامام المسامحة والمساهلة معهم فيما يطلبون، ويظهر المسلمون القوة والشدة في ذلك، ليعلم العدو أنهم لا يرغبون في الصلح لضعفهم، فلأجل هذا فعل علي رضي الله عنه ما فعله، وكأنه تأويل قوله تعالى: * (ولا تهنوا ولا تحزنوا) * وكذلك حديث معاذ رضي الله عنه، فإن السنة التي كانت في حق المسبوق من البداية بما فاته، فيها احتمال معنى الرخصة ليكون الأداء عليه أيسر، فوقف معاذ على ذلك وعرف أن العزيمة متابعة رسول الله (ص)، واعتقاد الغنيمة فيما أدركه معه، فاشتغل بإحراز ذلك أولا تمسكا بالعزيمة لا مخالفة للنص. وكذلك حديث أبي ذر إن صح أنه أدى صلاته في تلك الحالة بغير طهارة، فإن في حكم التيمم للجنب بعض الاشتباه في النص باعتبار القراءتين * (أو لامستم) * * (أو لامستم النساء) * فلعله كان عنده أن