المراد المس باليد وأنه لا يجوز التيمم للجنب كما هو مذهب عمر وابن مسعود رضي الله عنهما، ثم رأى أن بسبب العجز يسقط عنه فرض الطهارة في الوقت، وأن أداء الصلاة في الوقت عزيمة، فاشتغل بالأداء تعظيما لأمر الله وتمسكا بالعزيمة. وكذلك حديث عمرو بن العاص، فإنه رأى أن فرض الاغتسال ساقط عنه لما يلحقه من الحرج بسبب البرد أو لخوفه الهلاك على نفسه، وقد ثبت بالنص أن التيمم مشروع لدفع الحرج، فعرفنا أنه ليس في شئ من هذه الآثار معنى يوهم مخالفة النص من أحد منهم، وأنهم في تعظيم رسول الله كما وصفهم الله به. وأما حد الشرب فإنما أثبتوه استدلالا بحد القذف، على ما روي أن عبد الرحمن بن عوف قال لعمر:
يا أمير المؤمنين إذا شرب هذي وإذا هذي افترى، وحد المفترين في كتاب الله ثمانون جلدة. ثم الحكم الثابت بالاجماع لا يكون محالا به على الرأي، وقد بينا أن الاجماع يوجب علم اليقين والرأي لا يوجب ذلك، ثم هذا دعوى الخصوصية من غير دليل، ومن لا يرى إثبات شئ بالقياس فكيف يرى إثبات مجرد الدعوى من غير دليل والكتاب يشهد بخلاف ذلك، فالناس في تكليف الاعتبار المذكور في قوله تعالى: * (فاعتبروا يا أولي الابصار) * سواء، وهم كانوا أحق بهذا الوصف، وهذا أقوى ما نعتمده من الدليل المعقول في هذه المسألة، فإنه لا فرق بين التأمل في إشارات النص فيما أخبر الله به عن الذين لحقهم المثلات بسبب كفرهم كما قال تعالى:
* (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب) * الآية، لنعتبر بذلك وننزجر عن مثل ذلك السبب، وبين التأمل في إشارات النص في حديث الربا ليعرف به أن المحرم هو الفضل الخالي عن العوض، فثبت ذلك الحكم بعينه في كل محل يتحقق فيه الفضل الخالي عن العوض مشروطا في البيع كالأرز والسمسم والجص وما أشبه ذلك وقد قررنا هذا، يوضحه أن التأمل في معنى النص الثابت بإشارة صاحب الشرع بمنزلة التأمل في معنى اللسان