أجلهن أن يضعن حملهن " نزل بعد قوله تعالى: " أربعة أشهر وعشرا "، إنما هو إخبار عن علمه بتاريخ نزول السورتين، ومعنى المباهلة فيه متعلق بما كان عنده، وراجع إلى علمه دون غيره.
وأما قول عمر لعبد الرحمن، لو قلت غير هذا لرأيت أنك لم تصب، فإن معناه: أنك لم تصب عندي حقيقة النظير، الذي هو الأشبه عندي، على النحو الذي قلنا.
وأما قوله لأبي هريرة في فتياه: لو قلت غير هذا لأوجعتك، فإنما أراد به نهيه عن الاقدام على الفتيا والتسرع في الجواب، إذ لم يكن عنده من الفقهاء الذين يجوز لهم الإقدام على ما يسأل عنه، من غير رجوع منه إلى إمامه، أو إلى مشاورة قوم من ذوي الفقه.
سؤال: - ومما يسأل أيضا: من أين هذا المذهب؟ أن القول بأن كل مجتهد مصيب يؤدي إلى تضاد الاحكام وتنافيها، وإلى ما يستحيل ورود العبارة به من الله تعالى.
وذلك لان المستفتي إذا سأل أحد المجتهدين عمن قال لامرأته: أنت على حرام فأجابه بوقوع البينونة. وسئل آخر: فأجابه فيها ببقاء الزوجية، ومعلوم: أن عليه المصير إلى قول المفتين، فيوجب هذا عليه اعتقاد التحريم والإباحة جميعا في حال واحد، في شئ واحد، وإن يكونا جميعا حكما لله تعالى، ويلزمون على ذلك تجويز أن يبعث الله تعالى نبيين، فيأمر أحدهما بإيجاب حظر المرأة وتحريمها على هذا الرجل، ويأمر الاخر بإباحتها له بعينه في وقت واحد، فيكون فرج واحد محظورا مباحا، على رجل واحد، في وقت واحد.
ولو جاز ذلك في نبيين يأمرانه بذلك، لجاز أن يأمر نبي واحد، بأن يقول له: هذا محظور عليك، ومباح لك في حال واحدة، وهذا عين المحال، يمتنع وجود مثله في أحكام الله تعالى.
قالوا: ويوجب تجويز ما ذكرنا في النبيين: أن يكون إن أخذ بقول أحدهما مخالفا للاخر فقد أبيح له إذا مخالفة أمر أحد النبيين.
قالوا: وينبغي على هذا أيضا: أن يكون المجتهد لو وقع له دليل الحظر ودليل الإباحة