عليهم)، واعتمد ابن سريج في إثباته (على قوله تعالى) (فاعتبروا يا أولي الابصار).
ومما يدل على ذلك من جهة السنة: أن النبي صلى الله عليه وسلم شاور الصحابة في أسرى بدر في قتلهم أو فدائهم. فأشار عليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، بالفداء، وأشار عمر رضي الله عنه، بالقتل. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أما أنت يا أبا بكر، فأشبهت إبراهيم عليه السلام، فإنه قال: " فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم " وأما أنت يا عمر، فإنك أشبهت نوحا عليه السلام، قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديار)) ووافق رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتهاد أبي بكر رضي الله عنه، فمن عليهم وأخذ الفداء، وكان ذلك شيئا من أمر الدين.
ولو كان هناك نص من الله تعالى في أحد الحكمين لما شاور فيه أحدا.
فإن قال قائل: فإن الله تعالى قد عاتبه في أخذه الفداء في قوله تعالى: (ما كان لنبي أن يكون له أسرى) إلى قوله تعالى: (لولا كتاب من سبق). فدل على أن الفداء لم يكن جائزا.
قيل له: قد اختلف في تأويل هذه الآية، فأبى بعضهم ما ذكرت، وأجازه آخرون، والكلام في صحة أحد هذين القولين خروج عن مسألتنا، لأنه كلام بين من قال: كل مجتهد مصيب، والحق في جميع أقاويل المختلفين، وبين من قال: الحق في واحد، بعد تسليم جواز