موضع يسوغ الاجتهاد فيه، فلذلك لم يأمره بإعادة صلاة صلاها باجتهاد، وقيل وجوب التيمم على الجنب في حال عدم الماء، فإن قيل: قد كان من النبي صلى الله عليه وسلم نص على جواز التيمم للجنب.
قيل له: يحتمل أن لا يكون قد تقدم منه القول فيه قبل الوقت الذي خاطب به أبا ذر.
ومنه حديث عمرو بن العاص حين تيمم وهو جنب في يوم بارد في غزوة ذات السلاسل، وصلى بهم، لأنه خاف ضرر استعمال الماء، فلما أتوا النبي صلى الله عليه وسلم قالوا:
يا رسول الله، إنه صلى بنا وهو جنب، فقال: يا عمرو، صليت بهم وأنت جنب؟ قال:
خشيت إن اغتسلت (أن) أهلك، وقد سمعت الله تعالى يقول " ولا تقتلوا أنفسكم " فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا فلم ينكر على عمرو الاجتهاد في تركه الماء والعدول عنه إلى التراب، ولم ينكر على أصحابه أيضا الاجتهاد في وجوب استعماله، إذا كانت الحال عندهم وفي اجتهادهم غير مخفية.
ومنه حديث جابر (أن عليا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم مكة في حجة الوداع فقال له: بماذا أهللت. فقال: أهللت بإهلال كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم، وروي أن أبا موسى، فعل كذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إني سقت الهدي، فلا أحل إلى يوم النحر). فكانا مجتهدين في الاحرام بشئ مجهول عندهما، على تحري موافقة إهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجاز النبي صلى الله عليه وسلم لهما ذلك.