باب القول في مخالفة علة الفرع لعلة الأصل قال أبو بكر: وقد يكون حكم الأصل الذي منه تقتضب العلة متعلقة بمعنى.
وتكون علة الفرع غير المعنى الموجب للحكم في الأصل، هذا جائز في علل الشرعيات، وذلك نحو قلنا: إن علة تحريم التفاضل في الأرز أنه مكيل جنس، قياسا على (البر).
وليس هذا الحكم موجبا في البر بهذه العلة، لان البر إنما وجب فيه هذا الحكم بالنص لا بهذا المعنى، إذ كان دخوله تحت النص مغنيا عن تعليله لإيجاب حكمه، وإنما اقتضينا هذا الاعتلال للفرع الذي ليس بمنصوص عليه.
ألا ترى: أنه لولا الفرع لكان ذكر (هذا) الاعتلال للأصل لغوا لا معنى له، على ما بينا فيما تقدم.
وكذلك كل أصل (ثبت) بنص أو اتفاق، فإنا متى قسنا عليه بعلة، أو اقتضيناها، فحكم الأصل يتعلق بالنص أو الاتفاق، وحكم الفرع متعلق بالعلة المستنبطة منه.
وقد يعرض مثل هذا كثيرا مما ثبت حكمه من طريق الاستنباط، فيقاس عليه بعلة غير علة الأصل، نحو قلنا: إن محاذاة الرجل المرأة في صلاة واحدة تفسد صلاته، والعلة فيه: أنه قد قام مقاما لا يجوز أن يقومه بحال، مع (اختصاصه بالنهي) قياسا على إفساد صلاة من قام قدام الإمام، وقد ثبت عندنا فساد صلاته.
وما ذكرناه من العلة بوصف من أوصاف المقيس علية، والعلة التي بها أفسدنا