الحكم موجودا بوجود معنى غيره، وزائلا بزوال غيره من المعاني (التي) قارنت هذا المعنى في الأصل الذي اعتبر ذلك فيه، فيجعل الخصم وجودا لحكم وزواله بهذا الوصف، دلالة على صحة المعنى الذي ادعاه عليه من غير تعلق الحكم به.
وذلك نحو قول المخالف في إسقاط الكفارة عن أكل الطعام في نهار رمضان متعمدا من غير عذر واعتلال: بأنه مفطر بالاكل، فيجعل إفطاره بالاكل علة في سقوط الكفارة، بدلالة أن المريض والمسافر يفطران بالاكل ولا كفارة عليهما، وأن اختلافهما من جهة أن هذا معذور وذاك غير معذور، ولا يمنع الجمع بينهما عند اشتراكهما في علة الاكل.
ويستدل على أن الإفطار بالاكل علة في ذلك باتفاق الجميع على وجوب الكفارة على المجامع في نهار شهر رمضان من غير عذر، وسقوطها عن المريض والمسافر إذا أفطرا بالاكل، فعلمت إن كونه مفطرا بالاكل علة لسقوط الكفارة، لوجود الحكم بوجوده، وارتفاعه بارتفاعه بارتفاعه.
ونحن متى اعتبرنا هذا الاستدلال لم يصح له ما ادعاه فيه، وذلك لان ما ادعاه في المريض والمسافر من أن الكفارة إنما سقطت عنهما من أنهما مفطران بأكل، ليس كما ادعاه، لان المريض والمسافر إنما لم يلزمهما الكفارة لأنهما معذوران فيه، والعذر له تأثير في اسقاط كفارة رمضان.
ألا ترى أنهما لو أفطرا بجماع لم يلزمهما كفارة، ولم يختلف حكم الجماع والاكل من هذا الوجه، فعلمت أن سقوط الكفارة عنهما في هذا الحال لم يتعلق بالافطار بالاكل، وإنما عليك أن ترينا أن حصول الإفطار بالاكل له تأثير في سقوط الكفارة، إن كانت المسألة التي جعلتها أصلا في ذلك إنما سقطت الكفارة فيها لمعنى غير الاكل.
فبان بذلك سقوط ما ادعاه من (تعلق) وسقوط الكفارة بالاكل، لوجودنا الحكم موجودا بوجوده ومعدوما بعدمه.