وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا اختلف النوعان فبيعوا كيف شئتم يدا بيد) بعد ذكره لتحريم التفاضل في الجنس الواحد من الأصناف الستة. دل بوجود التحريم، عند وجود الوصفين اللذين هما الكيل والجنس، أو الوزن والجنس، على أنهما بمجموعهما علة تحريم البيع عند وجود زيادة الكيل أو الوزن، ودل لإباحة التفاضل عند وجود أحد الوصفين على أن عدم أحدهما علة الجواز، فعلق الحكم بوجود المعنى وأزاله بزواله.
فإن قال قائل: قد حكيت عن أبي الحسن قبل هذا الفصل: أن أحد ما يجب اعتباره في تصحيح العلل، أن يكون للمعنى تأثير في الأصول، ويعلق به الاحكام، وهل هو إلا أن يكون الحكم موجودا بوجوده، معدوما (بعدمه).
قيل له: بينهما فصل، وهو لطيف ينبغي أن نتناوله، وذلك (أنه) يعتبر تأثيره في الأصول من غير اقتصار به على الأصل الذي اقتضت العلة منه، حسب ما قلنا من سقوط اعتبار الثيوبة والبكارة في استحقاق الولاية بها في النكاح، أو زوالها ووجوب اعتبار الصغر، والبلوغ، في باب استحقاق الولاية، أو زوالها. لما ذكرنا من تعلق حكم الولاية على الصغير لأجل الصغر، وزوالها عنه بالكبر، على النحو الذي بينا.
وما ذكرته من وجود الحكم بوجود المعنى، وزواله بزواله، نحو أن يقول لنا المخالف في هذه المسألة: لما وجدت البكر الصغيرة يزوجها أبوها والثيب الكبيرة لا يزوجها، علمت أن العلة الموجبة للولاية في تزويج الأب، هي البكارة، لوجود الحكم بوجودها، وزواله بزوالها.
فيعارضه خصمه بأن يقول: لما وجدت الثيب الكبيرة لا يزوجها الأب، والبكر