ظاهرا على أن محل السؤال هو الخبر الذي يكون حجة مع قطع النظر عن المعارضة، وما ذكر في المثال لا يكون مشمولا لأدلة حجية خبر الواحد.
قلت: قوله عليه السلام: (خذ بما اشتهر بين أصحابك... الخ) (1) لعله إشارة إلى ارتكاز العقلاء في تقديمهم المشهور على الشاذ من غير فرق بين أن يكون على وجه الترجيح أو التعيين.
وأما الجهة الثالثة - وهي كون الشهرة حجة مطلقة - فيحتاج إلى إلغاء خصوصيتين: أحدهما كونها متعارضة، ثانيتهما كونها مضمون خبر.
فالأولى لا شك في إلغائها، لان الشهرة لو كانت متعارضة كانت واجبة الاخذ ففي صورة عدم المعارضة بطريق أولى.
وأما الثانية ففي إلغائها وعدمه وجهان، أظهرهما عدمه، فلا يمكن الحكم بحجية كل شهرة استنادا إلى هذا الخبر إما بجعل اللام للجنس أو إلغاء الخصوصية.
نعم، يمكن الحكم بحجية قسم منها بملاك آخر غير الاستناد إلى الخبر.
توضيحه: أن المسائل الفقهية - كما يظهر لمن تتبع وتأمل تأملا تاما دقيقا - على أقسام ثلاثة:
الأول: الأصول المتلقاة عن الأئمة المعصومين عليهم السلام، بحيث عبر فيها بعين ما نقل عنهم عليهم السلام بلا زيادة ونقصان.
الثاني: المسائل التوضيحية، بمعنى أن ما صدر عنهم عليهم السلام كان مجملا، فيحتاج إلى توضيح معناه وبيان موضوعه.
الثالث: المسائل التفريعية، بمعنى أن المستنبط - بعد بيان موضوعه - يفرع على ما صدر عنهم عليهم السلام أمورا وفروعا مستفادة من كلامهم عليهم السلام.
ولا يبعد أن يكون القسم الأول حجة، لعدم دخالة الاجتهاد فيها أصلا لا توضيحا ولا تفريعا كما في القسمين الأخيرين كذلك، ولا أقل من عدم الجرأة