وليس المراد اتفاق الكل بحيث لا يشذ منها أحد كي لا يتصور في طرفي المسألة، بل المراد وضوح الحكم بحيث لا يكون نادرا ويعرفه عدة من الأصحاب المفتين.
فقول الراوي: (إنهما معا مشهوران) في المرفوعة (1) وقوله: (يا سيدي كلاهما مشهوران) في المقبولة (2) لا ينافي ما قلناه.
إن قلت: ظاهر تعليله عليه السلام بأن المجمع عليه لا ريب فيه مع قوله عليه السلام:
(ويترك الشاذ الذي ليس بمشهور) بمنزلة قوله: (إنهما معا لا ريب فيهما) مع أنه غير ممكن في الفتوى بخلاف الروايتين، فإنه يمكن أن لا يكون ريب في صدورهما.
قلت: الشهرة مقتضية لكونها لا ريب فيها لا علة تامة، ومن الممكن كون الشهرة الأخرى في قبالها مانعة لاتصافها بذلك.
وبعبارة أخرى: كل واحد منهما مانع عن اتصاف الأخرى بعدم الريب.
والحاصل: أنه لا يقال للرواية - بمجردها من دون كون مضمونها مفتى به -:
إنها مما لا ريب فيها، بل عدم الفتوى موجب لكونها ذات ريب.
ومن هنا اشتهر أن الرواية كلما ازدادت صحة ازدادت ضعفا وريبا إذا أعرض عنها الأصحاب، وكلما ازدادت ضعفا زادت قوة إذا عمل بها الأصحاب كما في المسألة المشار إليها.
فالروايات الكثيرة المعرض عنها التي تبلغ عشرين رواية - في مسألة عدم تنصيف المهر إذا مات أحد الزوجين - والتي تدل على عدمه ليس إلا رواية واحدة ومع ذلك تكون الثانية مفتى بها عند الأصحاب.
إن قلت: قوله في مرفوعة زرارة: (يأتي عنكم الخبران المتعارضان) يدل