ولم ينكر السيد رحمه الله ومن تبعه دلالة القيد على المفهوم، بل رده بما ذكره فيستكشف الاجماع على ثبوت المفهوم، وكلامهم إنما هو في حجيته وعدمها.
وبعبارة أخرى أوضح: إن أهل العرف يفهمون هذا المعنى من مفهوم هذا الكلام مثلا، وإنما الكلام في أن هذا الفهم العرفي حجة بحيث يصير عذرا للمتكلم في مؤاخذته عند عدم العمل بمقتضى هذا المفهوم أم لا؟ ومعذرا للمخاطب مع العمل به أم لا؟
والحاصل: أن المفهوم عبارة عن كون الكلام بحيث لو لم يدل على هذا المعنى لزم لغوية القيد الزائد.
فقول بعض الأعاظم (1): (هو حكم إنشائي أو إخباري تستتبعه خصوصية المعنى الذي أريد من اللفظ بتلك الخصوصية ولو بقرينة الحكم، وكان يلزمه لذلك وافقه الايجاب والسلب أو خالفه) لم نفهم معناه. فإنه إن كان المراد أن الخصوصية داخلة في المعنى فهو بنفسه مستتبع للمفهوم دون الخصوصية، وإن كانت خارجة عنه فلا نسلم أن في المعنى دائما خصوصية بها يستتبع المفهوم.
ولعله لذا أعرض عن هذا التعريف بعض الأعاظم (2) وعرفه بأنه مدلول التزامي باللزوم البين بالمعنى الأخص الذي تصور الملزوم فيه كاف لتصور اللازم.
وأما دلالة الإشارة والاقتضاء والتنبيه فسماها بالمدلول السياقي، فحينئذ يرد عليه أنه يلزم أن تكون المداليل أربعة: المنطوق، وهو المعنى المطابقي والتضمني.
والمفهوم، وهو اللزوم البين بالمعنى الأخص. والمدلول السياقي، وهو التنبيه والإشارة والاقتضاء، ويكون البين بالمعنى الأعم. والغير البين بالمعنى الأعم قسما رابعا، وهو خلاف اصطلاح القوم كما لا يخفى.
وكيف كان، فالأنسب ما اختاره المتقدمون، وهو أن المفهوم مستفاد من مجرد