(ومنها) ما نسب إليه رحمه الله أيضا، وهو أنه إن قلنا بأن تأثير الأسباب في المسببات عقلي فالنواهي المتوجهة إلى الأسباب لا تدل على الفساد، وإن قلنا إنه جعلي وإمضائي فهو يكشف عن فسادها.
(ومنها) ما ينسب إلى بعض الأعاظم رحمه الله، وهو أن المكلف بعد ورود النهي محجور شرعا فلا يصح البيع، لان شرط صحة المعاملة عدم كون المتعاقدين محجورين، هذا.
والذي يقتضيه التدبر والتعمق أن النهي المولوي يتعلق بما هو منظور بما هو عند العقلاء مع قطع النظر عن النهي، وحيث إن الأسباب بما هي ليست منظورة إلا عنوان الآلية فليست مطلوبة، فلا تعلق للنهي بها.
وكذا المسببات الاعتبارية كالملكية والزوجية ليست بنفسها مطلوبة، فإن الملكية الاعتبارية غير مفيدة ما لم ينضم إليها ترتب الآثار، فالمقصود بالأصالة عند العقلاء من المعاملات ترتب الآثار الذي هو في المرتبة الثالثة في اعتبارهم، فالنهي المولوي يتعلق به لا غير، فهو لا غير، غير مبغوض، ولا معنى للمبغوضية إلا عدم وقوعه عند الشارع، فإن الاعتبارات العرفية إنما تفيد إذا انضم إليه إمضاء الشارع المستكشف بالتصريح أو عدم الردع، فإذا صرح بمبغوضيته فلا جرم يحكم بعدم وقوعه عنده.
وربما استدل للفساد بما رواه - كما في الوسائل - محمد بن يعقوب عن علي ابن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير إذن سيده، فقال: ذاك إلى سيده، إن شاء أجازه، وإن شاء فرق بينهما، قلت: أصلحك الله، إن الحكم بن عيينة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون: إن أصل النكاح فاسد، ولا تحل له إجازة السيد له، فقال أبو جعفر عليه السلام: إنه لم يعص الله وإنما عصى سيده، فإذا أجازه فهو له جائز (1).