مراد الشيخ (ره) هو البناء على الامكان مطلقا، ولكن الظاهران مراده هو البناء على الامكان عند قيام دليل معتبر على الوقوع، كما إذا دل ظاهر كلام المولى على حجية الظن، ولا أقل من احتمال ذلك في كلام الشيخ (ره) وحينئذ تترتب الثمرة على البحث عن الامكان والاستحالة، إذ على تقدير ثبوت الامكان لا بد من الاخذ بظاهر كلام المولى والعمل بالظن. وعلى تقدير ثبوت الاستحالة لا مناص من رفع اليد عن الظهور، للقرينة القطعية العقلية، ولا ينبغي الشك في أن بناء العقلاء في مثل ذلك على الامكان والعمل بالظاهر ما لم تثبت الاستحالة فلو امر المولى عبده بشئ وشك العبد في إمكان وجوبه واستحالته، لاحتمال ان يكون ذا مفسدة، واستحال ان يأمر المولى العالم الحكيم بما فيه المفسدة، فاحتمل ان لا يكون ظاهر الكلام مراده، ويكون امره للامتحان أو غيره مما ليس فيه طلب جدي، فهل يشك أحد في بناء العقلاء على الاخذ بظاهر كلام المولى وعدم الاعتناء باحتمال الاستحالة، وهل يشك أحد في امضاء الشارع لهذا البناء من العقلاء. فاندفع جميع ما ذكره صاحب الكفاية (ره) من الوجوه الثلاثة.
واما ما ذكره المحقق النائيني (ره) ففيه ان الامكان والاستحالة من الأمور الواقعية التي يدركها العقل، وليس للامكان قسمان تكويني وتشريعي، بل الامكان دائما تكويني، غاية الامر ان متعلقه قد يكون من الأمور التكوينية كما إذا قيل إن نزول المطر في يوم كذا ممكن، وقد يكون من الأمور التشريعية كما إذا قيل إن الحكم الكذائي ممكن أو التعبد بالظن ممكن. فتحصل ان ما ذكره الشيخ (ره) متين ولا يرد عليه شئ من الاشكالات المذكورة.
ثم إن الفائل بالاستحالة استند إلى وجهين: (أحدهما) - راجع إلى الملاك و (الآخر) - إلى التكليف، اما ما يرجع إلى الملاك فهو ان الامارة ربما تقوم