هذه الكبرى على تقدير تسليمها لا تنطبق علي المقام، إذ التكليف معلوم على الفرض، فيكون الانبعاث نحو كل من العملين عن البعث اليقيني لا الاحتمالي، غاية الامر انه لا تمييز حال الاتيان، وهو أجنبي عن كون الانبعاث عن احتمال التكليف.
وبالجملة الامتثال في المقام يقيني لا احتمالي، غاية الامر كونه اجماليا لا تفصيليا، وكم فرق بين الامتثال الاجمالي والامتثال الاحتمالي؟ نعم هذه الكبرى علي تقدير تسليمها تفيد في الحكم بعدم جواز الاحتياط في المسألة السابقة، وهي ما إذا لم يكن أصل التكليف محرزا، بل كان مجرد الاحتمال، بخلاف المقام. نعم لو كان المكلف قاصدا للاتيان ببعض المحتملات فقط، كان انبعاثه عن احتمال التكليف، فعلى تقدير تمامية الكبرى المذكورة، كان العمل فاسدا ولو مع مصادفة الواقع.
وأما على ما ذكرناه من عدم تماميتها، فلا اشكال فيه على تقدير المصادفة. نعم هو مستحق للعقاب من جهة التجري والاكتفاء بالامتثال الاحتمالي للتكليف المعلوم مع تمكنه من الامتثال اليقيني.
هذا كله في فرض التمكن من الامتثال التفصيلي العلمي. وأما إذا لم يتمكن منه ودار الأمر بين الاحتياط والامتثال التفصيلي الظني، فان كان الظن مما قام على اعتباره دليل خاص المعبر عنه بالظن الخاص، فهو كالعلم التفصيلي، إذا الحجة المعتبرة علم بالتعبد وإن لم تكن علما بالوجدان. فان قلنا بجواز الاحتياط مع التمكن من الامتثال العلمي التفصيلي، كما هو الصحيح، نقول به مع التمكن من الامتثال التفصيلي الظني أيضا. وإن قلنا بعدم جوازه لكون الامتثال الاحتمالي في طول الامتثال اليقيني، كما عليه المحقق النائيني (ره) في بعض الصور علي ما تقدم بيانه، نقول بعدم جوازه مع التمكن من الامتثال التفصيلي الظني أيضا.
وبالجملة الظن المعتبر علم تعبدا، فيجري فيه جميع ما ذكرناه في العلم