للنزاع، كما أنه ليس المراد منه الامكان الذاتي في مقابل الاستحالة الذاتية، لوضوح ان التعبد بالظن ليس مما يحكم العقل باستحالته بمجرد لحاظه وتصوره، كاجتماع الضدين، بل المراد منه الامكان الوقوعي في قبال الاستحالة الوقوعية بمعنى انه هل يلزم من وقوع التعبد بالظن محال مطلقا كاجتماع الضدين أو المثلين أو بالنسبة إلى الحكيم كتحليل الحرام وتحريم الحلال أم لا؟
إذا عرفت ذلك فاعلم أن شيخنا الأنصاري (ره) اختار إمكان التعبد بالظن بدعوى ان بناء العقلاء على الحكم بالامكان ما لم تثبت الاستحالة. واستشكل عليه صاحب الكفاية (ره) بوجوه: (أحدها) - انه لم يثبت بناء من العقلاء على ترتيب آثار الامكان عند الشك فيه. (ثانيها) - انه على تقدير تسليم ذلك نمنع حجية بنائهم شرعا، لعدم قيام دليل قطعي عليها والظن بها لو كان موجودا لا يفيد، إذ الكلام فعلا في إمكان العمل بالظن، فلا يمكن إثباته بنفس الظن (ثالثها) - انه على تقدير تسليم ذلك أيضا لا فائدة في هذا البحث أصلا، إذ مع قيام الدليل على الوقوع لا نحتاج إلى البحث عن الامكان، لان الوقوع أخص من الامكان، فثبوت الوقوع كاف في ثبوت الامكان أيضا. إذ المحال ليس بواقع بالضرورة، ومع عدم الدليل على الوقوع لا فائدة في البحث عن الامكان إذ البحث أصولي لابد فيه من ترتب ثمرة عليه، وليس البحث بحثا فلسفيا يبحث فيه عن الامكان والاستحالة بلا لحاظ ترتب ثمرة عليه (انتهى ملخصا). وزاد المحقق النائيني (ره) إشكالا رابعا، وهو ان بناء العقلاء على الامكان - عند الشك فيه على تقدير التسليم - إنما هو في الامكان التكويني دون الامكان التشريعي الذي هو محل الكلام.
هذا والانصاف تمامية ما ذكره الشيخ (ره). ولا يرد عليه شئ من هذه الاشكالات، وذلك لأن ما ذكره صاحب الكفاية (ره) مبني على أن يكون