ولم يكن مما علم مبغوضيته في الشريعة المقدسة، كقطع بعض الأعضاء ونحوه.
(الثاني) - ان لا يكون النهي المتعلق بالعنوان التوليدي ساريا إلى ما يتولد منه، فان الاضرار بالنفس وان فرض حرمته، إلا أن حرمته لا تسري بناء على ذلك إلى الطهارة المائية التي يتولد منها الاضرار، فلا مانع من الحكم بصحتها وإن كان الاضرار المتولد منها حراما. وأما إذا لم نقل بأحد الامرين، بأن قلنا بحرمة الاضرار بالنفس وبسراية الحرمة من الاضرار المسبب من الطهارة المائية إلى السبب فتكون الطهارة المائية حينئذ حراما. وحرمتها مانعة عن اتصافها بالصحة، ولا يكون الجهل موجبا للتقرب بما هو مبغوض واقعا. ولذا ذكرنا في بحث اجتماع الأمر والنهي أنه بناء على الامتناع وتقديم جانب النهي يحكم بفساد العبادة ولو في حال الجهل. وما ذكره الفقهاء من الحكم بالصحة في حال الجهل فهو إما مبني على جواز اجتماع الأمر والنهي ، فيكون المقام من باب التزاحم لا من باب التعارض ولا مانع من الحكم بصحة أحد المتزاحمين في صورة عدم وصول الآخر إلى المكلف وجهله به وإما ناشئ من الاشتباه في التطبيق والغفلة عن كون العمل موردا لاجتماع الأمر والنهي. ومن العجيب ما صدر عن المحقق النائيني (رحمه الله) في رسالته العملية من الفتوى بصحة الوضوء بماء مغصوب حال الجهل بالغصبية، مع كونه ملتفتا إلى كونه موردا لاجتماع الأمر والنهي على ما تعرض له في الأصول. والاجماع المدعى في مفتاح الكرامة على صحة الوضوء مع الجهل بالغصبية مما لا مجال للاعتماد عليه، فإنه إجماع منقول معلوم المدرك.
وربما يتوهم في المقام انه لا يمكن الحكم بصحة الطهارة المائية ولو لم نقل بسراية الحرمة من المسبب إلى السبب، إذ مع حرمة المسبب لا يمكن القول بوجوب السبب، ولو لم نقل بحرمته لعدم إمكان اختلاف السبب والمسبب