الامر أن الحكم بجواز الطلاق يوجب تدارك الضرر الناشئ من عدم الانفاق، وقد عرفت أن مثل ذلك لا يكون مشمولا لحديث لا ضرر. هذا مضافا إلى أن التمسك بحديث لا ضرر - لاثبات الضمان في المسألة الأولى، ولا ثبات جواز الطلاق للحاكم في المسألة الثانية - معارض بالضرر المترتب على الحكم بالضمان على الحابس، والضرر المترتب على جواز الطلاق على الزوج من زوال سلطنته على الطلاق. ولا ترجيح لاحد الضررين على الآخر.
(إن قلت): إن الحابس بحبسه والزوج بامتناعه عن النفقة قد أقد ما على الضرر، فلا يعارض به الضرر الواقع على المحبوس والزوجة. (قلت): إن الحابس لم يقدم على الضرر على نفسه، بل أقدم على الضرر على الضرر على المحبوس، وكذا الزوج بامتناعه عن النفقة لم يقدم على الضرر على نفسه، بل أقدم على الضرر على الزوجة. وصدق الاقدام على الضرر على نفسيهما متوقف على ثبوت الحكم بضمان الحابس، وبزوال سلطنة الزوج فلا يمكن إثباتهما بالاقدام على الضرر، فإنه دور واضح.
هذا ما تقتضيه القاعدة ولكنه وردت روايات خاصة في المسألة الثانية تدل على زوال سلطنة الزوج عند امتناعه عن النفقة على الزوجة، وأنه للحاكم أن يفرق بينهما. ولا مانع من العمل بها في موردها. وأما ما ذكره المحقق النائيني (ره) من معارضتها للروايات الدالة على أنها ابتليت فلتصبر، ففيه ان هذه الروايات الآمرة بالصبر واردة فيما إذا امتنع الزوج عن المواقعة، فلا معارضة بينهما، فيعمل بكل منها في موردها. نعم الروايات الدالة على أن الطلاق بيد من أخذ بالساق معارضة لها، لكنها أخص منها، فتقدم عليها، ونتيجة التقديم أن يجبر الزوج على الانفاق، وان امتنع فيجبر على الطلاق، وإن امتنع عنه أيضا يفرق الحاكم بينهما.