مقدمة الواجب. وملخص ما ذكرناه هناك أن العنوان التوليدي إن كان ينطبق على نفس ما يتولد منه في نظر العرف، فالحكم المتعلق بالعنوان التوليدي يتعلق بما يتولد منه لوحدة الوجود خارجا. ولا عبرة بتعدد العنوان مع اتحاد الوجود خارجا كالفعل الذي يتولد منه الهتك مثلا، فان الهتك ينطبق على نفس هذا الفعل، وهو فرد منه، فلو كان الهتك حراما تسري حرمته إلى الفعل لا محالة، بل حرمته عين حرمة الفعل لاتحاد هما خارجا في نظر العرف.
وأما إن كان الفعل التوليدي مغايرا في الوجود مع ما يتولد منه، كالاحراق المتولد من الالقاء، حيث أنها موجودان بوجودين، ضرورة ان اللقاء مغاير للاحتراق وجودا، فايجاد اللقاء أي الالقاء مغاير لايجاد الاحتراق أي الاحراق لان الايجاد والوجود متحدان ذاتا، ومختلفان اعتبارا، فلا تسري حرمة الفعل التوليدي إلى ما يتولد منه والوجه فيه ظاهر بعد كونهما متغايرين من حيث الوجود.
وأما الكلام من حيث الصغرى، فهو أنا قد ذكرنا في الدورة السابقة أن الضرر المتولد من الطهارة المائية من قبيل الأول، ولكن التحقيق أنه من قبيل الثاني، لان الضرر هو النقصان على ما ذكرناه سابقا، كحدوث الحمى مثلا، وهو غير الطهارة المائية في الوجود. وعليه فلا تسري حرمة الاضرار إلى الطهارة المائية، وصح الحكم بصحتها، بلا احتياج إلى البحث عن الامر الأول، إلا انا نتكلم فيه أيضا تتميما للبحث، فنقول ذكر شيخنا الأنصاري (رحمه الله) في رسالة المعمولة في قاعدة لا ضرر ان الاضرار بالنفس كالأضرار بالغير محرم بالأدلة العقلية والنقلية. ولكن التحقيق عدم ثبوت ذلك على إطلاقه، اي في غير التهلكة وما هو مبغوض في الشريعة المقدسة كقطع الأعضاء ونحوه، فان العقل لا يرى محذورا في إضرار الانسان بماله بأن يصرفه