عن أيهما يشاء. والوجه في ذلك كله ظاهر. ومما ذكرناه ظهر الحكم فيما لو دار الامر بين الاضرار بأحد الشخصين، إذ بعد حرمة الاضرار بالغير يكون المقام من باب التزاحم، فيجري فيه ما تقدم في الفرع الثالث ولا حاجة إلى الإعادة.
(المسألة الثانية) - ما لو دار امر الضرر بين شخصين عكس المسألة الأولى ومثاله المعروف ما إذا دخل رأس دابة شخص في قدر شخص آخر، ولم يمكن التخليص إلا بكسر القدر أو ذبح الدابة. وفروع هذه المسألة أيضا ثلاثة:
(الأول) - أن يكون ذلك بفعل أحد المالكين والحكم فيه وجوب إتلاف ماله، وتخليص مال الآخر مقدمة لرده إلى مالكه، لقاعدة اليد، ولا يجوز إتلاف مال الغير ودفع مثله أو قيمته إلى مالكه، لأنه متى أمكن رد العين وجب ردها، ولا تصل النوبة إلى المثل أو القيمة. والانتقال إلى المثل والقيمة إنما هو بعد تعذر رد العين.
(الثاني) - أن يكون ذلك بفعل شخص ثالث غير المالكين، وفي مثله يتخير في إتلاف أيهما يشاء ويضمن مثله أو قيمته لمالكه، إذ بعد تعذر ايصال كلا المالين إلى مالكيهما، عليه ايصال أحدهما بخصوصيته، والآخر بماليته من المثل أو القيمة، لعدم إمكان التحفظ على كلتا الخصوصيتين.
(الثالث) - أن يكون ذلك غير مستند إلى فعل شخص، بأن يكون بآفة سماوية. وقد نسب إلى المشهور في مثله لزوم اختيار أقل الضررين. وأن ضمانه على مالك الآخر، ولا نعرف له وجها غير ما ذكره بعضهم، من أن نسبة جميع الناس إلى الله تعالى نسبة واحدة. والكل بمنزلة عبد واحد، فالضرر المتوجه إلى أحد شخصين كأحد الضررين المتوجه إلى شخص واحد فلا بد من اختيار أقل الضررين، وهذا لا يرجع إلى محصل. ولا يثبت به ما هو المنسوب إلى المشهور من كون تمام الضرر على أحد المالكين، وهو