وزكاة النقدين يتعلق الزكاة بملكه. وكذا الحال في زكاة الغلات. فإنه مالك للزرع والثمر قبل تعلق الزكاة، فوجوب اخراجها ضرر عليه، ولكنه لا يكون مشمولا لحديث لا ضرر، لكونه مجعولا بطبعه ضرريا من أول الامر.
فتحصل مما ذكرناه أن ما ذكر من الموارد تخصيصا لقاعدة لا ضرر أمره دائر بين أن لا يكون فيه تخصيص أصلا، أولا يلزم من التخصيص به تخصيص الأكثر فلا إشكال في التمسك بالقاعدة في غير الموارد المذكورة.
(التنبيه الرابع) قد ذكرنا أن دليل لا ضرر ناظر إلى العمومات والاطلاقات المثبتة للتكليف ويقيدها بصورة عدم الضرر الا أن النسبة بين دليل لا ضرر وبين كل واحد من الأدلة المثبتة للتكليف عموم من وجه، فان مقتضى إطلاق دليل وجوب الوضوء مثلا وجوبه حتى في حال الضرر، وإطلاق دليل لا ضرر ينفي وجوبه حال الضرر فالوضوء الضرري يكون مورد الاجتماع، فيقع التعارض بينهما فيه، فوقع الكلام بينهم في وجه تقديم دليل لا ضرر على الدليل المثبت للتكليف. وقد ذكروا للتقديم وجوها لا محصل لها، فلا نتعرض لها وللكلام عليها، فإنه بلا طائل. والتحقيق في وجه التقديم أن دليل لا ضرر حاكم على الأدلة المثبتة للتكاليف والدليل الحاكم يقدم على الدليل المحكوم بلا ملاحظة النسبة بينهما وبلا ملاحظة الترجيحات الدلالية والسندية، بل الدليل الحاكم بعد إحراز حجيته يقدم على المحكوم، وإن كان أضعف منه دلالة وسندا، فلنا في المقام دعويان (الأولى) - صغروية وهي ان دليل لا ضرر حاكم على العمومات والاطلاقات المثبتة