لقبح تخصيص الأكثر. وأما تطبيقها على المقام، فالظاهر أن الحديث الشريف من القسم الأول، أي من قبيل القضايا الخارجية، فإنه ناظر إلى الاحكام التي بلغها الله سبحانه إلى الناس بلسان نبيه صلى الله عليه وآله وأنه لم يجعل في هذه الأحكام ما يكون ضرريا، فالحق مع صاحب الكفاية (ره) في أنه لا فرق في قبح تخصيص الأكثر في المقام بين أن يكون التخصيص بعنوان واحد أو بعناوين مختلفة.
وأما الجواب عن أصل الاشكال فهو انه ليس في المقام تخصيص الا في موارد قليلة. ونذكر (أولا) موارد التخصيص، ثم الجواب عما توهم كونه تخصيصا للقاعدة، ليتضح عدم ورود تخصيص الأكثر على القاعدة فنقول:
(الأول) - من موارد التخصيص هو الحكم بنجاسة الملاقي للنجس، مع كونه مستلزما للضرر على المالك، كما لو وقعت فأرة في دهن أو مرق، فالحكم بنجاستهما كما هو المنصوص موجب للضرر على المالك، وكذا غير الدهن والمرق مما كان الحكم بنجاسته موجبا لسقوطه عن المالية أو لنقصانها.
(الثاني) - وجوب الغسل على مريض أجنب نفسه عمدا، وإن كان الغسل ضررا عليه على ما ورد في النص، وإن كان المشهور أعرضوا عن هذا النص وحكموا بعدم وجوب الغسل على المريض على تقدير كونه ضررا عليه. فعلى القول بوجوب الغسل عملا بالنص كان تخصيصا للقاعدة.
(الثالث) - وجوب شراء ماء الوضوء ولو باضعاف قيمته، فإنه ضرر مالي عليه، لكنه منصوص ومستثنى من القاعدة. هذه هي موارد التخصيص وأما غيرها مما ذكره شيخنا الأنصاري (ره) فليس فيه تخصيص للقاعدة. أما باب الضمانات فليس مشمولا لحديث لا ضرر من أول الامر، لكونه واردا في مقام الامتنان والحكم بعدم الضمان موجب للضرر على المالك، والحكم بالضمان موجب للضرر على المتلف، فكلاهما منافيان للامتنان خارجان عن مدلول الحديث