وأورد عليه صاحب الكفاية (ره) بما حاصله أن موجب الفحص لو كان هو العلم الاجمالي لزم جواز الرجوع إليها قبل الفحص، بعد انحلاله بالظفر على المقدار المعلوم بالاجمال، مع أنه غير جائز قطعا، فلا بد من أن يكون الوجه لوجوب الفحص أمرا آخر غير العلم الاجمالي. وخلاصة هذا الايراد ان الدليل أخص من المدعي.
وأشكل عليه المحقق النائيني (ره) بأن المعلوم بالاجمال ذو علامة وتميز، فالعلم الاجمالي المتعلق به غير قابل للانحلال بالظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال، لأن الواقع قد تنجز حينئذ بماله من العلامة والتميز، فكيف يعقل انحلاله قبل الفحص بالظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال، فإنه إذ علم اجمالا بدين مردد بين الأقل والأكثر، مع العلم بكونه مضبوطا في الدفتر، فهل يتوهم أحد جواز الرجوع إلى البراءة في المقدار الزائد على المتيقن قبل الفحص عما في الدفتر؟ والمقام كذلك، فان التكاليف المعلومة بالاجمال مضبوطة في الكتب المعتبرة عند الشيعة. وعليه فالظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال قبل الفحص لا يوجب انحلال العلم الاجمالي ليصح الرجوع إلى البراءة قبل الفحص. نعم إذا لم يكن المعلوم بالاجمال ذا علامة وتميز وكان مرددا بين الأقل والأكثر، جاز الرجوع إلى البراءة بعد الظفر بالمقدار المعلوم بالاجمال، لكن المقام ليس من هذا القبيل كما عرفت.
وتوضيح ما افاده قدس سره أن منشأ العلم الاجمالي بالتكاليف الالزامية أحد أمور ثلاثة: (الأول) - هو العلم بثبوت الشرع والتصديق بالنبوة.
(الثاني) - العلم الاجمالي بمطابقة جملة من الامارات للواقع. (الثالث) - العلم الاجمالي بصدور جملة من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة وهذه المعلوم الثلاثة ينحل السابق منها باللاحق، فتكون أطراف العلم الاجمالي بالتكاليف خصوص الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة وتكون هذه الكتب كالدفتر في