(أما الأول) ففيه انه جدلي، لأن جواز الرجوع إلى البراءة على مسلك الأشعري لا يجدي الفائل ببطلانه. و (أما الثاني) ففيه (أولا) - ان ما ذكره من عدم امكان القطع بحصول الغرض لو تم فإنما يتم في التعبديات دون التوصليات لعدم توقف حصول الغرض فيها على قصد الوجه قطعا، فيلزم القول بوجوب الاحتياط في التوصليات دون التعبديات، وهو مقطوع البطلان، ولم يلتزم به أحد حتى الشيخ نفسه.
و (ثانيا) - ان اعتبار قصد الوجه على القول به يختص بصوره الامكان دون ما لو لم يمكن قصد الوجه أصلا، لعدم المعرفة بالوجه كما في المقام، إذا القول باعتبار قصد الوجه مطلقا مستلزم لعدم إمكان الاحتياط في المقام، لان معني الاحتياط هو الاتيان بما يحصل معه العلم بفراغ الذمة. وهذا مما لا يمكن العلم به، بناء على اعتبار قصد الوجه مطلقا، إذ لا يحصل العلم بالفراغ بالاتيان بالأقل، لاحتمال وجوب الأكثر، ولا بالاتيان بالأكثر لاحتمال اعتبار قصد الوجه، فلا يحصل العلم بالفراغ لا بالاتيان بالأقل ولا بالاتيان بالأكثر.
وهذا مما لم يلتزم به أحد حتى الشيخ (ره) نفسه، إذ لا إشكال ولا خلاف في إمكان الاحتياط، بل في حسنة بالاتيان بالأكثر. انما الكلام في وجوبه وعدمه والسر فيه ان قصد الوجه على القول بوجوبه يختص بصورة الامكان، ففي مثل المقام لا يكون واجبا قطعا، والا لزم بطلان الاحتياط رأسا.
و (ثالثا) - ان احتمال اعتبار قصد الوجه مما لم يدل عليه دليل وبرهان بل هو مقطوع البطلان على ما تقدم بيانه في بحث التعبدي والتوصلي.
و (رابعا) - ان اعتبار قصد الوجه مع عدم تمامية دليله إنما هو في الواجبات الاستقلالية، دون الواجبات الضمنية، أي الاجزاء، فراجع الأدلة التي ذكروها لاعتبار قصد الوجه.