وأجاب المحقق النائيني (ره) عن أصل الاشكال بأن الغرض (تارة) تكون نسبته إلى الفعل المأمور به نسبة المعلول إلى علته التامة، كالقتل بالنسبة إلى قطع الأوداج، و (أخرى) تكون نسبته إليه نسبة المعلول إلى العلل الاعدادية. والفرق بينهما واضح، فان الغرض على الأول مترتب علي الفعل المأمور به بلا توسط امر آخر خارج عن قدرة المكلف، وعلى الثاني لا يترتب على الفعل المأمور به، بل يتوقف على مقدمات أخرى خارجة عن قدرة المكلف كحصول السنبل من الحبة فان الفعل الصادر من المكلف هو الزرع والسقي ونحوهما من المقدمات الاعدادية. وأما حصول السنبل فيتوقف على مقدمات أخرى خارجة عن قدرة المكلف، كحرارة الشمس وهبوب الريح مثلا، فلو علمنا بأن الغرض من القسم الأول يجب القطع بحصوله، بلا فرق بين أن يكون الامر في مقام الاثبات متعلقا بنفس الغرض أو بعلته، ففي مثله لو دار الامر بين الأقل والأكثر كان موردا للاحتياط، فيجب الاتيان بالأكثر تحصيلا للقطع بغرض المولى، ولو علمنا كون الغرض من القسم الثاني فلا اشكال في أن حصول الغرض ليس متعلقا للتكليف لعدم صحة التكليف بغير المقدور، فلا يجب على المكلف إلا الاتيان بما امر به المولى وهو نفس الفعل المأمور به. وفي مثله لو دار الامر بين الأقل والأكثر وجب الاتيان بالأقل، للعلم بوجوبه على كل تقدير، وكان وجوب الأكثر موردا للأصل، لعدم العلم به. وأما لو شككنا في ذلك ولم نعلم بأن الغرض من القسم الأول ليجب الاحتياط عند دوران الامر بين الأقل والأكثر أو من القسم الثاني ليرجع إلى أصالة البراءة عن الأكثر، فلا مناص من الرجوع إلى الامر، فان كان متعلقا بالغرض كالا وامر المتعلقة بالطهارة من الحدث في مثل قوله تعالى: (ان كنتم جنبا فاطهروا) يستكشف منه كون الغرض مقدورا لنا، لأنه لو لم يكن مقدورا لم يأمر المولى الحكيم به، لقبح التكليف بغير
(٤٣٦)