الشك في حصول الغرض باتيان الأقل، إذ غاية ما يدل عليه حديث الرفع و نحوه من أدلة البراءة الشرعية هو رفع الجزئية عن الجزء المشكوك فيه ظاهرا، بمعنى عدم العقاب على تركه. ومن المعلوم أن رفع الجزئية عن الجزء المشكوك فيه ظاهرا لا يدل على كون الغرض مترتبا على الأقل. (وبعبارة أخرى) أصالة عدم جزئية المشكوك لا يترتب عليها كون الغرض مترتبا على الأقل، لعدم كونه من آثاره الشرعية، فاحراز كون الغرض مترتبا على الأقل بها مبني على القول بالأصل المثبت ولا نقول به، فيجب الاتيان بالأكثر لاحراز حصول الغرض (بعبارة ثالثة) بعد الالتزام بوجوب تحصيل الغرض بحكم العقل وكون المكلف معاقبا بترك تحصيله. لا ينفع الرجوع إلى مثل حديث الرفع، لكونه دالا على عدم العقاب بترك الجزء المشكوك فيه، لا على رفع العقاب بترك تحصيل الغرض.
نعم لو كان ما دل على رفع الجزئية من الامارات الناظرة إلى الواقع لترتبت عليه لوازمه العقلية، فيحكم بترتب الغرض على الأقل. لحجية مثبتات الامارات دون الأصول على ما ذكر في محله، كما أنه لو كان دليل البراءة الشرعية واردا في خصوص دوران الامر بين الأقل والأكثر لزم الحكم بكفاية الأقل، وترتب الغرض عليه صونا لكلام الحكيم عن اللغوية. وأما إذا لم تكن أدلة البراءة من الامارات الناظرة إلى الواقع، إلى بل من الأصول الناظرة إلى تعيين الوظيفة عند العجز عن الوصول إلى الواقع، ولم تكن واردة في خصوص دوران الامر بين الأقل والأكثر كما هو المفروض فلا يفيد الرجوع إليها لنفي وجوب الأكثر بعد حكم العقل بوجوب تحصيل الغرض وعدم العلم بترتبه على الأقل.
و (أما الوجه الثاني) فلان جريان البراءة عن الأكثر - أي عن تقييد الأقل بانضمام الاجزاء المشكوك فيها - لا يثبت تعلق التكليف بالأقل على نحو الاطلاق، إلا على القول بالأصل المثبت، لما ذكرناه مرارا من أن التقابل بين