والغيري موجبا لانحلال العلم الاجمالي بالوجوب النفسي، فقد يقال فيه بعدم الانحلال، بدعوى انه يعتبر في الانحلال أن يكون المعلوم بالتفصيل من سنخ المعلوم بالاجمال، والمقام ليس كذلك، لأن المعلوم بالاجمال هو الوجوب النفسي سواء كان متعلقا بالأقل أو الأكثر. والمعلوم بالتفصيل هو الوجوب الجامع بين النفسي والغيري، فلا ينحل العلم الاجمالي، ولكن التحقيق هو الانحلال على ما ذكرناه في بحث مقدمة الواجب مفصلا، ولا نعيد الكلام فيه، لان التقريب المذكور غير تام من جهة عدم تمامية الامر الأول، فلا حاجة إلى إعادة الكلام في تمامية الامر الثاني وعدمها.
(الوجه الثاني) - وهو أيضا مأخوذ من كلام الشيخ وهو ان الأقل واجب يقينا بالوجوب الجامع بين الوجوب الاستقلالي والوجوب الضمني، إذ لو كان الواجب في الواقع هو الأقل فيكون الأقل واجبا بالوجوب الاستقلالي. ولو كان الواجب في الواقع هو الأكثر، فيكون الأقل واجبا بالوجوب الضمني، لان التكليف بالمركب ينحل إلى التكليف بكل واحد من الاجزاء، وينبسط التكليف الواحد المتعلق بالمركب إلى تكاليف متعددة متعلقة بكل واحد من الاجزاء. ولذا لا يكون الآتي بكل جزء مكلفا باتيانه ثانيا، لسقوط التكليف المتعلق به، بل الآتي بكل جزء يكون مكلفا باتيان جزء آخر بعده، لكون التكليف متعلقا بكل جز مشروطا بلحوق الجزء التالي بنحو الشرط المتأخر.
فتحصل أن تعلق التكليف بالأقل معلوم ويكون العقاب على تركه عقابا مع البيان واتمام الحجة. وتعلقه بالأكثر مشكوك فيه، ويكون العقاب عليه عقابا بلا بيان. و (بعبارة أخرى) يكون العقاب على ترك الصلاة مثلا لأجل ترك الاجزاء المعلومة عقابا مع البيان، وهو العلم، ويكون العقاب على تركها لأجل ترك الاجزاء المشكوك فيها عقابا بلا بيان. والعقل يحكم بقبحه، وهذا معنى