(المورد الثاني) - في دوران الامر بين الأقل والأكثر وارتباطيين.
انتهى الامر في الأبحاث السابقة إلى أن الشك إن كان في تحقق الجعل من قبل الشارع، فهو مورد للبراءة العقلية والنقلية، وإن كان في انطباق المجعول بعد العلم بالجعل. فهو مورد لقاعدة الاشتغال. و (بعبارة أخرى) الشك في التكليف مورد للبراءة، والشك في المكلف به مورد لقاعدة الاشتغال، فبعد الفراغ من هذين الامرين يقع الكلام في الشك في الأقل والأكثر الارتباطيين، من حيث إنه ملحق بالشك في التكليف، ليكون وجوب الأكثر موردا للبراءة أو انه ملحق بالشك في المكلف به ليكون موردا لقاعدة الاشتغال، فبعضهم نظر إلى أن التكليف بالأقل متيقن وبالأكثر مشكوك فيه، فألحقه بالشك في التكليف. وبعض آخر نظر إلى وحدة التكليف وتردده بين الأقل والأكثر، فألحقه بالشك في المكلف به، لكون التكليف متيقنا، انما الشك في انطباقه على الأقل أو الأكثر، فيكون الشك في المكلف به. وتحقيق المقام يقتضي التكلم في مقامين: (الأول) - في دوران الامر بين الأقل والأكثر في الاجزاء الخارجية. (الثاني) - في دوران الامر بين الأقل والأكثر في الاجزاء التحليلية، كدور ان الامر بين الاطلاق والتقييد، دوران الامر بين الجنس والفصل مثلا.
(اما المقام الأول) فقال بعضهم بكونه مجرى لقاعدة الاشتغال، وعدم جريان البراءة العقلية والبراءة النقلية، وذهب جماعة منهم شيخنا الأنصاري (رحمه الله) إلي جريان البراءة العقلية والنقلية. وفصل صاحب الكفاية (ره) وتبعه المحقق النائيني (ره) فقال بجريان البراءة النقلية دون العقلية، فتنقيح البحث يستدعى التكلم في جهتين: (الجهة الأولى) - في جريان البراءة العقلية وعدمه. (الجهة الثانية) - في جريان البراءة النقلية وعدمه.