هذا ملخص ما ذكرناه في الدورة السابقة. ولكن الظاهر عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي في هذه المسألة، كما في المسألة الأولى، وذلك لما ذكرناه في ذيل المسألة الثانية من أن مدار التنجيز إنما هو العلم بالنجاسة لا وجودها الواقعي فالملاقاة وإن كانت سابقة على العلم الاجمالي، إلا أنه لا يترتب عليها اثر، فعبد العلم الاجمالي بنجاسة الملاقى بالفتح أو الطرف الآخر يتساقط الأصلان فيهما للمعارضة، ويتنجز التكليف، ويجب الاجتناب عنهما. ولا أثر للعلم بالملاقاة بعد تنجز التكليف بالعلم الأول، فان العلم بالملاقاة وان كان يوجب علما إجماليا بنجاسة الملاقي بالكسر أو الطرف الآخر، إلا أنه لا اثر لهذا العلم بالنسبة إلى الطرف الآخر، لتنجز التكليف فيه بمنجز سابق، وهو العلم الأول.
فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الملاقي بالكسر، لما ذكرناه سابقا من أنه لو كان التكليف في أحد أطراف العلم الاجمالي منجزا بمنجز سابق، لا اثر للعلم الاجمالي بالنسبة إليه، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الطرف الآخر.
والمقام من هذا القبيل، فان التكليف قد تنجز في الطرف الآخر بالعلم السابق فلا مانع من الرجوع إلى الأصل في الملاقى بالكسر بعد العلم الاجمالي الثاني الحاصل من العلم بالملاقاة، لعدم معارض له، بلا فرق بين ان يكون زمان المعلوم بالاجمال متحدا مع زمان الملاقاة أو سابقا عليه. وما ذكرناه في الدورة السابقة من أن مدار التنجيز في صورة التبدل انما هو العلم الثاني وان كان صحيحا في نفسه، فانا إذا علمنا إجمالا بنجاسة القباء أو القميص، ثم تبدل علمنا بالعلم الاجمالي بنجاسة القباء وأو العباء مثلا، كان مدار التنجيز هو العلم الثاني لا محالة فيجب الاجتناب عن القباء والعباء لا عن القباء والقميص. إلا ان المقام ليس من قبيل التبدل، بل من قبيل انضمام العلم إلى العلم، فانا نعلم أولا بنجاسة الملاقى بالفتح أو الطرف الآخر، ثم بعد العلم بالملاقاة كان العلم الاجمالي الأول باقيا