لان تأخر شئ عن أحد المتساويين في الرتبة لا يقتضى تأخره عن الآخر أيضا فان وجود المعلول متأخر رتبة عن وجود علته. وليس متأخرا عن عدمها، مع أن وجود العلة وعدمها في رتبة واحدة، لأنه ليس بينهما عليه ومعلولية. ويعبر عن عدم العلية والمعلولية بين شيئين بوحدة الرتبة.
و (بعبارة أخرى) التقدم والتأخر الرتبي عبارة عن كون المتأخر ناشئا من المتقدم ومعلولا له، وكون شئ ناشئا من أحد المتساويين في الرتبة ومعلولا له لا يقتضى كونه ناشئا من الآخر ومعلولا له أيضا. مضافا إلى أن التقدم والتأخر الرتبي انما تترتب عليهما الآثار العقلية دون الأحكام الشرعية، لأنها مترتبة على الموجودات الخارجية التي تدور مدار التقدم والتأخر الزماني دون الرتبي. ومما يدلنا على ذلك أنه لو علم المكلف إجمالا ببطلان وضوئه لصلاة الصبح أو بطلان صلاة الظهر لترك ركن منها مثلا، يحكم ببطلان الوضوء وبطلان صلاة الصبح وبطلان صلاة الظهر، فتجب إعادة الصلاتين، مع أن الشك في صلاة الصبح مسبب عن الشك في الوضوء، وكان الأصل الجاري فيها في مرتبة متأخرة عن الأصل الجاري فيه. إلا أنه لا أثر لذلك بعد تساوي نسبة العلم الاجمالي إلى الجميع، فتسقط قاعدة الفراغ في الجميع. ولو كان للتقدم الرتبي اثر لكانت قاعدة الفراغ في صلاة الصبح جارية بلا معارض. لتساقطها في الوضوء وصلاة الظهر للمعارضة، فتجري في صلاة الصبح بلا معارض، لكون جريان القاعدة فيها في رتبة متأخرة عن جريانها في الوضوء، فيحكم بصحة صلاة الصبح وبطلان الوضوء وصلاة الظهر. ولا أظن أن يلتزم به فقيه. فتحصل أن الصحيح ما ذهب إليه صاحب الكفاية (ره) من وجوب الاجتناب عن الملاقي في هذه الصورة.
و (اما الصورة الثانية) وهي ما إذا كان زمان المعلوم بالاجمال سابقا على زمان الملاقاة، كما إذا علمنا يوم السبت بأن أحد هذين الإناءين كان نجسا يوم