الخميس، ولاقى أحدهما ثوب يوم الجمعة، فقد ذكرنا في الدورة السابقة عدم وجوب الاجتناب عن الملاقي فيها، لأن المعلوم بالاجمال هي النجاسة المرددة بين الماءين في مفروض المثال، وأما الثوب فليس من أطراف العلم الاجمالي، فيكون الشك في نجاسته شكا في حدوث نجاسة جديدة غير ما هو معلوم اجمالا، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه. والفرق بين الصورتين: انه في الصورة الأولى لا يكون تخلل زماني بين نجاسة الملاقى بالفتح على تقدير تحققها واقعا ونجاسة الملاقي بالكسر، فالعلم الاجمالي قد تعلق من أول الامر بنجاسة الملاقى والملاقي والطرف الآخر، نظير تعلق العلم الاجمالي بنجاسة إناه كبير أو إناءين صغيرين.
بخلاف الصورة الثانية، لكون زمان المعلوم بالاجمال سابقا على زمان الملاقاة، فيكون الملاقي بالكسر غير داخل في أطراف العلم الاجمالي، ويكون الشك شكا في حدوث نجاسة جديدة، فلا مانع من الرجوع إلى الأصل فيه، والحكم بعدم وجوب الاجتناب عنه. هذا ملخص ما ذكرناه في الدورة السابقة.
ولكن الظاهر عدم الفرق بين الصورتين ووجوب الاجتناب عن الملاقى في الصورة الثانية أيضا، إذ المعلوم بالاجمال فيها وان كان سابقا بوجوده الواقعي على الملاقاة، إلا أنه مقارن له بوجوده العلمي. والتنجيز من آثار العلم بالنجاسة لا من آثار وجودها الواقعي، وحيث إن العلم الا جملي متأخر عن الملاقاة فلا محالة يكون الملاقى بالكسر أيضا من أطرافه. ولا اثر لتقدم المعلوم بالاجمال على الملاقاة واقعا، فانا نعلم اجمالا يوم السبت - في المثال المتقدم - بان أحد الماءين والثوب نجس، أو الماء الآخر وحده، فيكون نظير العلم الاجمالي بنجاسة الاناء الكبير أو الإناءين الصغيرين، فلا يمكن اجراء الأصل في الملاقى بالكسر - لعين ما ذكرناه في الصورة الأولى، فيجب الاجتناب عنه أيضا.
و (بعبارة أخرى) لابد في جريان الأصل من الشك الفعلي كما يأتي