وأجاب عنه شيخنا الأنصاري (ره) بما حاصله ان الموضوع لوجوب التبين عن النبأ هو طبيعي الفاسق، فيشمل الواحد والاثنين والأكثر، ما لم يصل إلى حد التواتر، فيكون الموضوع في المفهوم أيضا طبيعي العادل، وإطلاقه وان كان يشمل الواحد والأكثر، إلا أنه يرفع اليد عن الاطلاق في خصوص المورد ويقيد بالمتعدد، وليس فيه خروج المورد عن المفهوم.
وأورد عليه بعض الأعاظم بأنه ان كان التبين بمعنى العلم، كان العمل به واجبا عقلا، فيكون الامر به إرشاديا لا مفهوم له على ما تقدم، وإن كان بمعنى الوثوق لزم خروج المورد من منطوق الآية، ضرورة عدم جواز الاعتماد على خبر الفاسق الموثوق به في الارتداد، وخروج المورد امر مستهجن كما تقدم.
وفيه (أولا) - ما تقدم من أنه لو كان المراد من التبين هو العلم لا يلزم كون الامر في الآية إرشاديا، إذ الواجب عقلا هو العمل بالعلم، والمستفاد من الآية هو تحصيل العلم لا العمل به. و (ثانيا) - ان التبين المذكور في الآية ليس بمعنى العلم ليلزم كون الامر إرشاديا، ولا بمعنى الوثوق ليلزم خروج المورد عن المنطوق، بل المراد منه المعنى اللغوي وهو الظهور، كما يقال ان الشئ تبين إذا ظهر، فالامر بالتبين امر بتحصيل الظهور وكشف الحقيقة في النبأ الذي جاء به الفاسق، وهو كناية عن عدم حجية خبر الفاسق في نفسه فيجب عند إرادة العمل بخبره تحصيل الظهور وكشف الواقع من الخارج. ومن الظاهر أن ظهور الشئ بطبعه انما هو بالعلم الوجداني. واما غيره فيحتاج إلى دليل يدل على تنزيله منزلة العلم، ومفهوم الآية عدم وجوب التبين في خبر العادل، فيدل بالملازمة العرفية على حجيته، فيكون ظاهرا بنفسه بلا احتياج إلى تحصيل الظهور من الخارج. فلو كنا نحن والآية الشريفة لم نعمل بخبر