الفاسق في شئ من الموارد بمقتضى المنطوق، وعملنا بخبر العادل في جميع الموارد بمقتضى المفهوم. إلا أنه في كل مورد ثبتت حجية خبر الثقة فيه كما في الأحكام الشرعية ، إذ قد ثبتت حجيته فيها بالسيرة القطيعة الممضاة عند الشارع، على ما سيجئ الكلام فيها قريبا إن شاء الله تعالى، بل في الموضوعات أيضا إلا فيما اعتبرت فيه البينة الشرعية، كما في موارد الترافع مثلا، فيستكشف من دليل حجية خبر الثقة ان الشارع قد اعتبره ظهورا، فلا يلزم منه رفع اليد عن المنطوق لأن مفاد المنطوق تحصيل الظهور عند العمل بخبر الفاسق، وبعد كون خبر الثقة حجة في مورد بحكم الشارع يحصل الظهور به في ذلك المورد، وفي كل مورد ثبت من الشرع اعتبار البينة الشرعية وعدم جواز الاعتماد على خبر العدل الواحد فيه، فضلا عن خبر الثقة غير العادل، كما في موارد الترافع، وفي الاخبار عن مثل الارتداد يستكشف منه أن الشارع لم يعتبر خبر العدل الواحد فيه ظهورا، فيلزم تقييد المفهوم الدال على حجية خبر العادل على الاطلاق بما إذا كان متعددا، كما ذكره الشيخ (ره).
فتحصل أن عدم صحة الاعتماد علي خبر الفاسق الموثوق به في مورد الآية - وهو الاخبار عن الارتداد - إنما هو لدليل دل على اعتبار البينة الشرعية في مثله فيستكشف منه أن الشارع لم يعتبره ظهورا، فليس فيه خروج عن المنطوق، بل مطابق للمنطوق، وكذا عدم صحة الاعتماد في المورد بخبر العدل الواحد إنما هو لما دل على اعتبار البينة الشرعية، فيكون تقييدا للمفهوم بالدليل الخارج لا رفع اليد عن المفهوم، فلا يكون هناك خروج المورد عن المنطوق ولا عن المفهوم.
ثم إنه قد استشكل على حجية خبر الواحد باشكالين لا اختصاص لهما بالاستدلال بآية النبأ، بل يجريان على تقدير الاستدلال بغيرها أيضا من الأدلة