عن أدلة الحجية من باب التخصص، لما ذكرناه من أن الموضوع في أدلة الحجية هو الخبر المشكوك مطابقته للواقع. وهذا بخلاف شمول إطلاق أدلة الحجية لخبر السيد (ره) فإنه لا يوجب القطع بعدم مطابقة غيره من الاخبار للواقع، إذ ليس مفادها حجية الخبر كي يلزم من شمول أدلة الحجية لخبر السيد (ره) القطع بعدم مطابقتها للواقع، بل مفادها أمور مختلفة من وجوب شئ وحرمة شئ آخر، وجزئية شئ للصلاة مثلا وشرطية شئ آخر لها. وهكذا، ولا ريب في وجود الشك في هذه الأمور ولو مع القطع بحجية خبر السيد (ره)، فخروجها عن أدلة الحجية يكون من باب التخصيص لا محالة، وإذا دار الامر بين التخصيص والتخصص تعين الالتزام بالثاني.
وهذا الوجه أيضا غير تام، لأن تقديم التخصص على التخصيص - عند دوران الامر بينهما - إنما هو في خصوص باب المعارضة بين الدليلين، سواء كان التنافي بين مدلوليهما بالذات، كما إذا دل أحدهما على وجوب شئ والآخر على عدم وجوبه، أو بالعرض كما إذا دل دليل على وجوب صلاة الجمعة والآخر على وجوب صلاة الظهر، فإنه وان لم يكن بينهما تناف بالذات لامكان وجوب صلاة الجمعة والظهر معا، إلا أنا نعلم إجمالا من الخارج بعدم وجوب صلاتين فلأجل هذا العلم الاجمالي يحصل التنافي والتكاذب بينهما بالعرض.
وبالجملة إذا وقع التعارض بين دليلين أو أصلين، وكان الاخذ بأحدهما موجبا لخروج الآخر عن دليل الحجية من باب التخصص، والاخذ بالآخر مستلزما لخروج الأول عنه بالتخصيص، كان المتعين هو الاخذ بالأول، والالتزام بالتخصص، عملا بأصالة العموم أو الاطلاق، كما في التعارض بين الأصل السببي والأصل المسببي، فان جريان الأصل السببي يرفع الشك عن المسبب فيكون خارجا عن أدلة الأصول من باب التخصص، بخلاف جريان الأصل المسبب