فغير سديد، ضرورة أن الالتزام بالاشتراك المعنوي يحتاج إلى تصوير الجامع، وليس مفهوم عدم الماضي جامعا مرادا في الوضع. مع أن المعاني الحرفية ليست ذات جوامع حقيقية، ومفاد الهيئات معان حرفية، على ما اشتهر بين أبناء التحقيق.
فعليه لا بد من علاج آخر: وهو أن الفعل فارغ من الزمان مطلقا، ودلالته عليه ممنوعة. وأما صحة الاستعمال في الزمانيات فهي لا تقتضي إلا دخول الزمان طبعا وقهرا، لا دلالة ووضعا.
وبالجملة: مفاد الماضي هو التحقق، ومفاد المضارع هو الترقب، وإذا قيس ذلك إلى الزمان، فلا محيص عن الزمان الماضي في الأول، وعن الزمان الحال والمضارع في الثاني.
أقول: لا شبهة في دلالة هيئة الماضي والمضارع، على أزيد من أصل الانتساب بالضرورة، وإلا يلزم صحة قوله: " ضرب زيد غدا " و " يضرب أمس " ولذلك التزام المتأخرون بأن تلك الزيادة هو التحقق في الماضي، والترقب في المضارع (1)، ولا أزيد من ذلك.
ويمكن دعوى امتناع أخذ الزمان بمفهومه الاسمي في مفادهما، لما عرفت وأشير إليه: من أن أخذ المفهوم الاسمي في المعاني الأدوية ممتنع.
وأنت خبير: بأن المتفاهم البدوي من الماضي والمضارع - دون الأمر والنهي - هو الزمان الماضي والمضارع، وإلى ذلك أقرب، ما عن النحاة كما هو الظاهر، فإن تم ما عن الأصوليين فهو، وإلا فلا بد من الاتكاء على المفهوم العرفي، بعد خلو كلمات اللغويين من التعرض لمفاد الهيئات بنحو التفصيل والتحقيق.