الوحدة بينها، ولا يتحقق هذا اللحاظ إلا بتجريد المتباينات عن الخصوصيات، وتعريتها عن المشخصات، فيرجع الكثرة إلى الوحدة، ولا تبقى بهذا اللحاظ أجزاء بالمرة، فحينئذ فإن دل اللفظ على الجزء بتميز عن الجزء الآخر، وكان ذلك خلاف مفهوم الكل، فلا جزء إلا مندمجا للكل لا تشخص له غير تشخص الكل، ولا صورة له غير صورته، فهو عين الكل، فدلالته عليه عين دلالته على الكل.
نعم للعقل أن يلاحظ الكل ثانيا، ويحلله إلى أجزائه، ويلاحظ دلالة اللفظ على كل واحد منها، ولكن هذا بالالتزام أشبه منه بالتضمن، هذا ملخص كلامه طاب ثراه.
ولقائل يقول: إن هذا القسم من الالتزام سماه القوم تضمنا، فهو أمر اصطلاحي لا مشاحة فيه، ولا أهمية له في هذا المقام وإن كان نفسيا في نفسه، نافعا في مسألة وجوب الأجزاء، كما يأتي إن شاء الله، وإنما المهم صرف عنان الفكر إلى أصل دلالة جميع الأفعال على الزمان بأي نحو كانت، بحيث تكون مقومة لمعنى الأفعال مطلقا، وفارقة بينها وبين الأسماء، كما ذكره النحاة، مع ما نرى بالوجدان عدم دلالة الأمر عليه مطلقا، فضلا عن خصوص الزمان الحاضر، كما ذكره الصرفيون.
نعم هو زمان لوقوع الإنشاء، كما هو زمان لوقوع الإخبار أيضا، وكذا الكلام في النهي أيضا.
نعم دلالة الماضي على وجود المبدأ على نحو المضي، ودلالة المضارع على نحو الوجود الاستقبالي مما لا ينبغي أن يشك فيه، ولا أظن أحدا يصحح قول القائل: ضرب زيد غدا، ويضرب زيد أمس.
نعم في كون هذا النحو من التقييد تقييدا بالزمان تأمل، فكأنه غير التقييد به أصلا وإن كان لازما له، ولهذا يصح قولك: مضى الزمان الماضي، ويأتي