وأما تمسك " الكفاية " بصحة استعمال جملة " يجيئني زيد بعد عام، وقد ضرب قبله بأيام " وجملة " جاء زيد في شهر كذا، وهو يضرب في ذلك الوقت " مع أنها تدل على المضي الإضافي والاستقبال الإضافي، لا الحقيقي (1)، ففي غير محله، ضرورة أن الزمان الماضي، كما يكون له المصداق الحقيقي تخيلا، لا واقعا، لأن الماضي ما مضى وقته، وانصرم أجله، فلا وجود له بعد حتى يحكم عليه، فكما أن هذا هو مصداقه حقيقة عند العرف، كذلك له المصداق الاعتباري.
وهذا في الأفعال المستعملة في المجردات وأوصافها الذاتية، أو الفعلية، كقولهم: " علم الله كذا " أو " خلق الله العقل " أو " خلق الله الجسم والزمان " وهكذا له المصداق الإضافي، فالمدار على مضي زمان النسبة الحكمية، لا المدار على زمان النطق. وجميع هذه الاعتبارات، مشتركة في خلوها من الحقيقة العقلية، وفي اتصافها بالمضي والانصرام، فلا تخلط.
فالمحصول إلى هنا أمور:
الأول: خلو الأمر والنهي من الزمان، ومن الخصوصية الزائدة على البعث إلى المادة.
الثاني: دلالة الماضي على الزمان.
الثالث: خلو المضارع من الزمان، ودلالته على الأمر الزائد على أصل النسبة.
ولا يخفى: أن اعتبار الترقب في المضارع، لا يساعد مع صحة الاستعمال في المجردات، فكما أن الإشكال ينحل بما مضى في الأفعال الماضية، كذلك ينحل في المضارع.
إن قلت: من الأفعال الماضية " علم، وقدر، وشرف، وعدل " مما يدل على