والذي هو الظاهر عندي: أن الواضع في وضعه التصوري، لا بد له من لحاظ المعنى الكلي، حتى يتمكن من الوضع، وإذا أراد وضع هيئة " ضرب " مثلا لإفادة صدور الضرب وتحققه، فلا بد من لحاظ مفهوم " الصدور " ومفهوم " التحقق " - وهما مفهومان اسميان، ولا خارجية حين الوضع لهما، أي لا مصداق لهما حين الوضع - حتى يتمكن من إسراء الوضع بتلك العناوين العامة إلى تلك المصاديق الخارجية. مع أنك قد عرفت فيما مضى امتناع الوضع العام والموضوع له الخاص (1)، فعليه لا بد من الالتزام بأنه وضع تلك الهيئة لمعنى كلي ملحوظ اسما، وإن كان هذا المعنى في الخارج معنى حرفيا.
وقد مضى: أن جميع المعاني الاسمية الجوهرية والعرضية، ذات مصاديق هي الروابط المحضة (2)، حسبما تقرر في العلم الإلهي: من أن الوجودات بأجمعها عين الربط، ونفس التدلي إلى ربها، وليست ذات روابط حتى يلزم الاستقلال في رتبة الذوات (3)، فلا تغفل.
ثم إنه لو سلمنا أن المحكي بهيئة " ضرب " هو المعنى الحرفي، وهو مصداق الصدور والتحقق، لا المفهوم الاسمي، فلا يمكن ذلك في المضارع، لعدم تحققه في الخارج، فلا يتصور إلا معنى كليا، ولا يمكن له تصور مصداقه إلا بمفهوم اسمي، فما يوجد بعد ذلك ليس هو الموضوع له بنفسه، بل هو مصداق الموضوع له بالضرورة، فيلزم التفكيك بين هيئة الماضي والمضارع، كما فككنا في مفادهما بحسب الزمان وعدمه.