فكأنهم لاحظوا بعض العلوم كعلم النحو، وظنوا أن جميع العلوم مثله، وما توجهوا إلى أن موضوع العلم في الفلسفة محمول في المسائل، وموضوع العرفان واحد خارجا ومفهوما في العلم والمسألة، ولا تغاير بينهما بنحو الكلي والفرد.
بل ملاحظة موضوع علم النحو يعطي خلاف ظنهم، لتعدد الموضوع في النحو. وتوهم أن موضوعه " الكلمة اللابشرط " غير تام، لأن بها لا يحصل الكلام لتقومه بالنسبة والهوهوية، فلا تغفل.
كما ليس المراد منه الموضوع في مقابل المحمول، حتى ينتقض: بأن ما هو الموضوع في الفلسفة محمول في القضايا والمسائل، ويرد النقض: بانقلاب القضية، كما صنعه الحكيم السبزواري (رحمه الله) في مختصره (1).
وهكذا ينتقض بعلم الصرف والنحو، وسائر العلوم التي يمتاز موضوعها بالقيد الوارد على الجهة المجتمعة فيها العلوم، وهي قيد الحيثية.
فمن هنا تعلم أن المراد من الموضوع ما هو الجهة الجامعة للمسائل، والرابطة بين المتشتتات، المشار إليها في بعض العلوم بعناوين بسيطة، ك " الوجود " في الفلسفة، و " الجسم الطبيعي " في الطبيعي، وفي بعضها بعناوين مركبة، ك " الكلمة والكلام من حيث الإعراب والبناء " في النحو، و " من حيث الصحة والاعتلال " في الصرف، وك " الأدلة الأربعة " في الأصول.
وهكذا يمكن إضافة كلمة " أو ما يؤدي إليه " لموضوع الفقه، وهو " فعل المكلف " حتى تجتمع فيه جميع مباحث الفقه، ولا يلزم النقوض المزبورة عليه.
وقد يتوهم: أن العلوم على قسمين:
القسم الأول: ما هو الموضوع فيه معلوم كالفلسفة والعرفان والطبيعي، لأنه هو الموضوع للمسائل.