وعدم تمامية ما أفاده القوم لموضوع العلم، فعليه لا برهان على عدم الموضوع وإن صرح في آخر كلامه بذلك، ولكنه غير مبرهن فيما قرره المقرر (1).
والذي هو التحقيق: أن مسائل كل علم مرتبطة ومتسانخة بعضها مع بعض، وفيها - كما أقر به - سنخية وخصوصية كامنة في نفسها (2).
مع أنا إذا راجعنا مثلا مسائل علم النحو، نجد أن بعضا منها مع بعض متحد في الموضوع، فيقال: " المبتدأ مرفوع " و " المبتدأ لا بد وأن يكون معرفا " وبعضها متحد مع البعض في المحمول، كما يقال: " الحال منصوب " و " التمييز منصوب " وبعضها مختلف مع البعض في الموضوع والمحمول، والنسبة فرعهما، كما يقال:
" الفاعل مرفوع " و " المفعول منصوب ".
وهكذا في الفلسفة تختلف المسائل كثيرا مع الاخريات منها في الموضوع والمحمول.
فإذا كان الأمر كذلك في تلك الخصوصية الكامنة في نفس تلك المسائل المختلفة، حتى تكون المتشتتات مرتبطة بها، وتكون هي كالخيط الداخل فيها والرابط بينها، فعندئذ لا بد من الإقرار بوجود الجهة الجامعة بينها، وتكون المسائل واردة حولها، ومتعرضة لما يرتبط بها، ويتسانخ معها، المعبر عنها ب " موضوع العلم " والفن المتصدي له متكفل بطرح تلك القضايا والمسائل، حتى يترتب الغاية والغرض المقصود في تحريرها وتنظيمها عليها، بعد الاطلاع عليها، والغور فيها.
فبالجملة: عدم إمكان تصحيح تعريف القوم لموضوع العلم، وعدم إمكان تطبيق ما أفادوه في ذلك على المسائل المطروحة في العلم، لا يؤدي إلى إنكار تلك