لا ريب في أنه محفوظ من النقصان بحفظ الملك الديان كما دل عليه صريح القران واجماع العلماء في جميع الأزمان ولا عبرة بالنادر وما ورد من اخبار النقيصة تمنع البديهة من العمل بظاهرها ولا سيما ما فيه نقص ثلث القران أو كثير منه فإنه لو كان ذلك لتواتر نقله لتوفر الدواعي عليه ولا تخده غير أهل الاسلام من أعظم المطاعن على الاسلام وأهله ثم كيف يكون ذلك وكانوا شديدي المحافظة على ضبط آياته وحروفه وخصوصا ما ورد انه صرح فيه بأسماء كثير من المنافقين في بعض السور ومنهم فلان وفلان وكيف يمكن ذلك وكان من حكم النبي صلى الله عليه وآله الستر على المنافقين ومعاملتهم بمعاملة أهل الدين ثم كان صلوات الله عليه يختشى على نفسه الشريفة منهم حتى أنه حاول عدم التعرض لنصب أمير المؤمنين عليه السلام حتى جائه التشديد التام من رب العالمين فلا بد من تأويلها بأحد وجوه أحدها النقص مما خلق الا مما انزل ثانيها النقص مما انزل إلى السماء لا مما وصل إلى خاتم الأنبياء ثالثها النقص في المعاني رابعها ان الناقص من الأحاديث القدسية والذي اختاره أن المنزل من الأصل ناقص في الرسم وما نقص منه محفوظ عند النبي صلى الله عليه وآله عليهم السلام واما ما كان للاعجاز الذي شاع في الحجاز وغير الحجاز فهو مقصور على ما اشتهر بين الناس لم يغيره شئ من النقصان من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى هذا الزمان وكلما خطب أو خاطب به النبي صلى الله عليه وآله على المنبر لم يتبدل ولم يتغير المبحث التاسع في بيان معنى القراءة والتلاوة وتتحقق للقادر بالاتيان بالحروف على النحو المألوف والنطق بالكلمات على نحو ما وضعت عليها من الهيئات فلا عبرة بأحاديث النفس ولا بالصوت الخارج من الفم ولا يدعي حرفا عرفا ولا بالحروف المقطعات التي لم يحصل بها هيئات الكلمات ولا مع الفصل بسكوت أو كلام طويلين بين الحروف أو الكلمات حتى يكونا عن اسم القران والقراءة مخرجين ويكتفي من العاجز عن البعض بقدر المقدور منها ومن العاجز عن الكل بلوك اللسان مع الإشارة بدلا عنها ولا اعتبار بالحروف المنشورة ولا بالقراءة المقلوبة ولا بالمشتركة التي قصد بها غيرها وهذا جار في جميع الكلمات الداخلة في الاذكار والدعوات المبحث العاشر في بيان ما يحرم منها وهو أقسام منها ما تشتمل على الغناء وقد سبق تحقيق معناه ومنها ما يكون مؤذيا للمصلين ومزعجا للنائمين ونحو ذلك ومنها ما يرفع زائدا على العادة حتى لا يبقى للقران حرمة ومنها ما يفضى إلى فساد الصلاة أو خروج وقتها كقرائة سورة العزائم في الفرائض أصلية أو عارضية أو ما يفوت وقت الفريضة الواجبة ومنها ما يكون بلسان مغصوب كلسان العبد مع منع مولاه ومنها ما يكون في مكان مغصوب في وجه قوي إما ما كان في آلة معدة للتصويت فلا شك في تحريمه ومنها ما يتلذذ فيه بالسماع من الأجانب لترطيب الصوت وتلطيفه ومنها ما يكون في وقت عبادة مضيقة وان لم تكن حرمته أصلية في أحد الوجوه ومنها ما يكون في حالة منهى عنها بسببها كقرائة العزائم للجنب ونحوه ومنها ما يحرم لنذر عدمه ونحوه حيث يعارضه أرجح منه وهذا الحكم متمشى في جميع أقسام القراءة في ذكر ودعاء ومدح وثناء وغيرها من باقي الأشياء المبحث الحادي عشر في استحباب ان يكون في البيت وان يعلق فيه والظاهر أن المراد منه مجرد الوجود لان كلا منهما ينفى الشياطين ويكره ترك القراءة فيه لقول الصادق عليه السلام ثلثة يشكون إلى الله تعالى مسجد خراب لا يصلى فيه أهله وعالم بين جهال ومصحف معلق قد وقع فيه الغبار ولا يقرء فيه المبحث الثاني عشر في تعلمه أو تعليمه (مما وجد للصبيان وغيرهم) فعن النبي صلى الله عليه وآله خياركم من تعلم القران وعلمه وعنه صلى الله عليه وآله إذا قال المعلم للصبي قل بسم الله الرحمن الرحيم فقال كتب الله براءة للصبي ولأبويه وللمعلم وعنه صلى الله عليه وآله ما من رجل علم ولده القرآن الا توج الله أبويه يوم القيامة بتاج الملك وكسيا حليتين لم ير الناس مثلهما وعن الصادق ينبغي للمؤمن ان لا يموت حتى يتعلم القران أو يكون في تعليمه إلى غير ذلك وعن الأمير عليه السلام ان الله ليهم بعذاب أهل الأرض فلا يحاشى منهم أحدا فينظر إلى الشيب ناقلي اقدامهم إلى الصلوات والولدان يتعلمون القران فيؤخر ذلك عنهم وعن الصادق عليه السلام لا تنزلوا النساء الغرف ولا تعلموهن الكتابة ولا سورة يوسف وعلموهن المغزل وسورة النور المبحث الثالث عشر في اكرامه وعدم اهانته ففي الرواية انه يجيئ يوم القيامة فيقول الله وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لأكرمن اليوم من أكرمك ولأهينن من أهانك وبيعه من الكافر ومطلق تمليكه وتمكينه منه برهانة أو إعارة أو أمانة من الإهانة حرام وعقده فاسد وفي الحاق من فسدت عقيدته به وجه والأقوى خلافه لأنه يرى تعظيمه واحترامه وبيعه ومطلق المعاوضة عليه مع ادخال الكتابة من مكروه الإهانة وبيع الجلد والورق ونحوهما مغن عن تعلق البيع به وهل هو من المجاز فالاكرام بتجنب الصورة أو من الحكم لا من الاستعمال أو من الإشارة كذلك وجوه أوجهها الأول والنقش والكتابة بالذهب منافيان للأدب لان العظمة تأبى ذلك وربما الحق به جميع التحسينات ولعل ذلك هو الباعث على كراهة ذلك في المساجد أو من جهة نقص الدنيا وزينتها وفي تمشية ذلك إلى الكتب المحترمة وجه المبحث الرابع عشر في اكرام أهله وعدم اهانتهم فعن النبي صلى الله عليه وآله ان أهل القران في أعلى درجة من الآدميين ما خلى النبيين والمرسلين فلا تستضعفوا أهل القران حقوقهم فان لهم من الله العزيز الجبار لمكانا المبحث الخامس عشر في شرف حملته فعن النبي صلى الله عليه وآله اشراف أمتي حملة القران (مما وجد وأصحاب الليل وعنه صلى الله عليه وآله حملة القران صح) في الدنيا عرفاء أهل الجنة يوم القيامة وعنه صلى الله عليه وآله حملة القران المخصوصون برحمة الله تعالى الملبسون نور الله تعالى المعلمون كلام الله تعالى المقربون عند الله تعالى من والاهم فقد والى الله تعالى ومن عاداهم فقد عادي الله تعالى المبحث السادس عشر في حفظه عن الصادق عليه السلام الحافظ للقران العامل به مع السفرة الكرام البررة وعنه عليه السلام ان الذي
(٢٩٩)