حرم الوطء بإجماع المسلمين وأوجب الكفارة مع العود، فإسقاطهما بعد ذلك يحتاج إلى الدليل القاطع.
ثم قال ثاني الشهيدين في المسالك بعد الرد بذلك: ومن العجب من هذا الفاضل مثل هذا الاستدلال، أما الرواية فدلالتها لا يخلوا من اضطراب لتضمن صدرها وجوب الكفارة إذا قدر عليه بعد الاستغفار وآخرها عدمه، مع أن العمل بمضمونها موقوف على قبول الموثق خصوصا مع معارضته القرآن وما هو أقوى دلالة، والعلامة - رحمه الله - كالشيخ لا ينضبط مذهبه في العمل بالرواية مع أنه في أصول الفقه اشترط في الراوي الايمان والعدالة، وفي فروع الفقه له آراء متعددة منها قبول الموثق - كما هنا - بل ما هو أدنى مرتبة منه. وفيه نظر من وجوه:
أما أولا: فلأن قطعية تحريم الوطء بإجماع المسلمين وكذا إيجاب الكفارة مع العود لا ينفيان الاجتزاء بما دل الدليل الخاص على بدليته عن الكفارة عند العجز عنها - أعني الاستغفار - على وجه يكون مراعى إجزاءه بعدم القدرة ثم يجب القضاء بعد ذلك، ولا يضر هذا في اعتبار البدلية لأن هذا بدل مسوغ للمواقعة المضطر إليها، وفيه جمع بين الحقين لأنه لم يستحل ذلك المحرم بغير كفارة أصلا بل الاستغفار كفارة لكل ذنب، كما دلت عليه تلك الروايات المعتبرة وخبر داود بن فرقد وخبر أبي بصير الآتي الدال بعمومه في كل حق وإن أخرج الظهار منها مبالغة في عقوبة الظهار لئلا يتهاون الناس به، فلا معنى إذا لبقاء قطعية تحريم الوطء ووجوب الكفارة.
وأما ثانيا: فلأن ما طعن به العلامة من علمه بالموثق خصوصا مع معارضته القرآن وما هو أقوى دلالة فهو طعن بما وقع منه - قدس سره - غير مرة، فقد عمل بالموثق في مسائل عديدة في غير بيان ما يجبره، وأين المعارضة بين القرآن وبين هذا الموثق؟ لأن القرآن إنما أوجب عليه الكفارة عند إرادة المسيس عند