وإذا ثبت ذلك بمقتضى الاجماع والأدلة زال التحريم المترتب على العقد واستباحها بالملك، وكان ذلك كما لو طلقها أو تزوجها بعد انقضاء العدة، بل هنا أقوى لاختلاف جنس السبب الذاهب والعائد بخلاف ما لو تزوجها بعد البينونة، فإن السبب وإن تعدد إلا أنه متحد في الجنس وإن اختلف في الشخص وفي معناه عندهم ما لو اشتراها غيره ثم فسخ النكاح وزوجه إياها بعقد مستأنف، وقد تقدم في أحكام نكاح الأمة ما يدل على أن له الفسخ كما في صحيحة محمد بن مسلم (1) وخبر الحسن بن زياد وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله (2) وغيرها من الأخبار.
نعم، لو أقرها على نكاحه وجبت الكفارة لاستقرار النكاح المترتب عليه الظهار، ثم إنه على الأول لا يتوقف صحة العقد على الاستبراء ولا الاعتداد لأن الماء الواحد. ومثله أيضا ما لو طلقها بائنا ثم تزوجها في العدة كما تقدم خلافا لابن حمزة وللإسكافي وعلى المشهور، فتحصل الحيلة بهذا في إسقاط حكم الظهار بغير تكفير، لكنه لا ينطبق بما دل عليه خبر موسى بن أكيل النمري (3)، حيث إن طلاقه وقع فرارا عن كفارة الظهار، وقد عرفت الكلام فيه لكنه لا ينطبق على المذهب المشهور بل لأعامل بها.
ولو قلنا بوقوع الظهار بملك اليمين كما هو الحق لدلالة المعتبرة المستفيضة عليه وضعف المعارض لها وهو خبر حمزة بن حمران كما تقدم في كلام جامع الأصل - قدس الله سره - فيمن ظاهر من أمته ثم باعها من غيره بطل حكم الظهار، فإن اشتراها منه لم يعد الظهار كما لو طلق بائنا ثم تزوجها، وأولى منه ما لو أعتقها ثم تزوجها لاختلاف السبب ولبينونتها من النكاح الأول بالعتق.