منكم على القدرة على نكاح المحصنات، فما فائدة هذا التكرير في ذكر القدرة؟
قلنا: الأمر كما ذكرت، والأولى أن يقال: المعنى فمن لم يستطع منكم استطاعة بالنكاح المحصنات، وعلى هذا الوجه يزول الاشكال، فهذا ما يتعلق باللغة.
أما ما قاله المفسرون فوجوه: الأول: ومن لم يستطع زيادة في المال وسعة يبلغ بها نكاح الحرة فلينكح أمة. الثاني: أن يفسر النكاح بالوطء، والمعنى: ومن لم يستطع منكم طولا وطء الحرائر فلينكح أمة، وعلى هذا التقدير فكل من ليس تحته حرة فإنه يجوز له التزوج بالأمة. وهذا التفسير لائق بمذهب أبي حنيفة، فان مذهبه أنه إذا كان تحته حرة لم يجز له التزوج بالأمة. وهذا التفسير لائق بمذهب أبي حنيفة، فان مذهبه أنه إذا كان تحته حرة لم يجز له نكاح الأمة، سواء قدر على التزوج بالحرة أو لم يقدر. والثالث: الاكتفاء بالحرة، فله أن يتزوج بالأمة سواء كان تحته حرة أو لم يكن، كل هذه الوجوه إنما حصلت، لأن لفظ الاستطاعة محتمل لكل هذه الوجوه.
المسألة الثالثة: المراد بالمحصنات في قوله: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات) * هو الحرائر، ويدل عليه أنه تعالى أثبت عند تعذر نكاح المحصنات نكاح الإماء، فلا بد وأن يكون المراد من المحصنات من يكون كالضد للاماء، والوجه في تسمية الحرائر بالمحصنات على قراءة من قرأ بفتح الصاد: أنهن أحصن بحريتهن عن الأحوال التي تقدم عليها الأماء، فان الظاهر أن الأمة تكون خراجة ولاجة ممتهنة مبتذلة، والحرة مصونة محصنة من هذه النقصانات، واما على قراءة من قرأ بكسر الصاد، فالمعنى أنهن أحصن أنفسهن بحريتهن.
المسألة الرابعة: مذهب الشافعي رضي الله عنه: أن الله تعالى شرط في نكاح الإماء شرائط ثلاثة، اثنان منها في الناكح، والثالث في المنكوحة، أما اللذان في الناكح. فأحدهما: أن يكون غير واجد لما يتزوج به الحرة المؤمنة من الصداق، وهو معنى قوله: * (ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات) * فعدم استطاعة الطول عبارة عن عدم ما ينكح به الحرة.
فان قيل: الرجل إذا كان يستطيع التزوج بالأمة يقدر على التزوج بالحرة الفقيرة، فمن أين هذا التفاوت؟
قلنا: كانت العادة في الإماء تخفيف مهورهن ونفقتهن لاشتغالهن بخدمة السادات، وعلى هذا التقدير يظهر هذا التفاوت.
وأما الشرط الثاني: فهو المذكور في آخر الآية وهو قوله: * (ذلك لمن خشي العنت منكم) * (النساء: 25) أي بلغ الشدة في العزوبة. وأما الشرط الثالث: المعتبر في المنكوحة، فأن تكون الأمة مؤمنة لا كافرة، فان الأمة