أشد كان ذلك أولى.
المسألة الرابعة: قال ابن عباس والحسن والشعبي والنخعي: لا تجزى الرقبة إلا إذا صام وصلى، وقال الشافعي ومالك والأوزاعي وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنهم: يجزى الصبي إذا كان أحد أبويه مسلما. حجة ابن عباس هذه الآية، فإنه تعالى أوجب تحرير الرقبة المؤمنة، والمؤمن من يكون موصوفا بالايمان، والايمان إما التصديق وإما العمل وإما المجموع، وعلى التقديرات فالكل فائت عن الصبي فلم يكن مؤمنا، فوجب أن لا يجزى. حجة الفقهاء أن قوله: * (ومن قتل مؤمنا خطأ) * يدخل فيه الصغير، فكذا قوله: * (فتحرير رقبة مؤمنة) * فوجب أن يدخل فيه الصغير.
المسألة الخامسة: قال الشافعي رحمه الله: الدية في العمد المحض وفي شبه العمد مغلظة مثلثة ثلاثون حقة، وثلاثون جذعة، وأربعون خلفة في بطونها أولادها.
وأما في الخطأ المحض فمخففة: عشرون بنات مخاض، وعشرون بنات لبون، وعشرون بنو لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة. وأما أبو حنيفة فهو أيضا هكذا يقول في الكل إلا في شيء واحد فإنه أوجب بني مخاض بدلا عن بنات لبون. حجة الشافعي رحمه الله أنه تعالى أوجب الدية في القرآن ولم يبين كيفية الدية فرجعنا في معرفة الكيفية إلى السنة والقياس، فلم نجد في السنة ما يدل عليه.
وأما القياس فإنه لا مجال للمناسبات والتعليلات المعقولة في تعيين الأسباب وتعيين الأعداد، فلم يبق ههنا مطمع إلا في قياس الشبه، ونرى أن الدية وجبت بسبب أقوى من السبب الموجب للزكاة، ثم إنا رأينا أن الشرع لم يجعل لبني مخاض دخلا في باب الزكاة، فوجب أن لا يكون لها دخل في باب الدية أيضا. وحجة أبي حنيفة أن البراءة كانت ثابتة، والأصل في الثابت البقاء، فكانت البراءة الأصلية باقية، ولا يعدل عن هذا الدليل إلا لدليل أقوى منه فنقول: الأول هو المتفق عليه فاعترفنا بوجوبه : وأما الزائد عليه فوجب أن يبقى على النفي الأصلي.
والجواب: أن الذمة مشغولة بوجوب الدية، والأصل في الثابت البقاء، وقد رأينا حصول الاتفاق على السقوط بأداء أكثر ما قيل فيه، فوجب أن لا يحصل ذلك السقوط عند أداء أقل ما فيه، والله أعلم.
المسألة السادسة: قال الشافعي رحمه الله: إذا لم توجد الإبل، فالواجب إما ألف دينار، أو اثنا عشر ألف درهم. وقال أبو حنيفة: بل الواجب عشرة آلاف درهم. حجة الشافعي: ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. قال: كانت قيمة الدية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم