نسق الآية ما يقدح فيه، وإنهم من أهل مكة، وهو قوله تعالى: * (فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله) * (النساء: 89) الرابع: نزلت الآية في قوم ضلوا وأخذوا أموال المسلمين وانطلقوا بها إلى اليمامة فاختلف المسلمون فيهم، فنزلت الآية: وهو قول عكرمة. الخامس: هم العرنيون الذين أغاروا وقتلوا يسارا مولى الرسول صلى الله عليه وسلم. السادس: قال ابن زيد: نزلت في أهل الإفك.
المسألة الثانية: في معنى الآية وجهان: الأول: أن " فئتين " نصب على الحال: كقولك: مالك قائما، أي مالك في حال القيام، وهذا قول سيبويه. الثاني: أنه نصب على خبر كان، والتقدير: مالكم صرتم في المنافقين فئتين، وهو استفهام على سبيل الانكار، اي لم تختلفون في كفرهم مع أن دلائل كفرهم ونفاقهم ظاهرة جلية، فليس لكم أن تختلفوا فيه بل يجب أن تقطعوا بكفرهم.
المسألة الثالثة: قال الحسن: إنما سماهم منافقين وان أظهروا الكفر لأنهم وصفوا بالصفة التي كانوا عليها من قبل، والمراد بقوله: * (فئتين) * ما بينا ان فرقة منهم كانت تميل إليهم وتذب عنهم وتواليهم، وفرقة منهم تباينهم وتعاديهم، فنهوا عن ذلك وأمروا بأن يكونوا على نهج واحد في التباين والتبري والتكفير، والله أعلم.
ثم قال تعالى مخبرا عن كفرهم: * (والله أركسهم بما كسبوا) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: الركس: رد الشيء من آخره إلى أوله، فالركس والنكس والمركوس والمنكوس واحد، ومنه يقال للروث الركس لأنه رد إلى حالة خسيسة، وهي حالة النجاسة، ويسمى رجيعا لهذا المعنى أيضا، وفيه لغتان: ركسهم وأركسهم فارتكسوا، أي ارتدوا. وقال أمية. فأركسوا في حميم النار إنهم كانوا عصاة وقالوا الإفك والزورا المسألة الثانية: معنى الآية أنه ردهم إلى أحكام الكفار من الذل والصغار والسبي والقتل بما كسبوا، أي بما أظهروا من الارتداد بعدما كانوا على النفاق، وذلك أن المنافق ما دام يكون متمسكا في الظاهر بالشهادتين لم يكن لنا سبيل إلى قتله، فإذا أظهر الكفر فحينئذ يجري الله تعالى عليه أحكام الكفار.
المسألة الثالثة: قرأ أبي كعب وعبد الله بن مسعود * (والله أركسهم) * وقد ذكرنا أن أركس وركس لغتان.
ثم قال تعالى: * (أتريدون أن تهدوا من أضل الله ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلا) * قالت المعتزلة