من فرعون مائة سنة.
قوله تعالى: (أتقتلون رجلا أن يقول) أي: لأن يقول (ربي الله) وهذا استفهام إنكار (وقد جاءكم بالبينات) أي: بما يدل على صدقه، (وإن يك كاذبا فعليه كذبه) أي: لا يضركم ذلك (وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي يعدكم) من العذاب. وفي " بعض " ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها بمعنى " كل "، قاله أبو عبيدة، وأنشد للبيد:
تراك أمكنة إذا لم أرضها أو يعتلق بعض النفوس حمامها أراد: كل النفوس.
والثاني: أنها صلة، والمعنى: يصبكم الذي يعدكم، حكي عن الليث.
والثالث: أنها على أصلها، ثم في ذلك قولان: أحدهما: أنه وعدهم النجاة إن آمنوا، والهلاك إن كفروا، فدخل ذكر البعض لأنهم على أحد الحالين. والثاني: أنه وعدهم على كفرهم الهلاك في الدنيا والعذاب في الآخرة، فصار هلاكهم في الدنيا بعض الوعد، ذكرهما الماوردي.
قال الزجاج: هذا باب من النظر يذهب فيه المناظر إلى إلزام الحجة بأيسر ما في الأمر، وليس في هذا نفي إصابة الكل، ومثله قول الشاعر:
قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون من المستعجل الزلل وإنما ذكر البعض ليوجب الكل، لأن البعض من الكل، ولكن القائل إذا قال: أقل ما يكون للمتأني إدراك بعض الحاجة، وأقل ما يكون للمستعجل الزلل، فقد أبان فضل المتأني على المستعجل، بما لا يقدر الخصم أن يدفعه، فكأن المؤمن قال لهم: أقل ما يكون في صدقة أن يصيبكم بعض الذي يعدكم وفي بعض ذلك هلاككم، قال: وأما بيت لبيد: فإنه أراد ببعض النفوس: نفسه وحدها.
قوله تعالى: (إن الله لا يهدي) أي: لا يوفق للصواب (من هو مسرف) عمرو وفيه قولان:
أحدهما: أنه المشرك، قاله قتادة.
والثاني: أنه السفاك الدم، قاله مجاهد.
قوله تعالى: (ظاهرين في الأرض) أي: عالين في أرض مصر (فمن ينصرنا) أي: من يمنعنا (من بأس الله) أي: من عذابه، والمعنى: لا تتعرضوا للعذاب بالتكذيب وقتل النبي، فقال فرعون عند ذلك: (ما أريكم) من الرأي والنصيحة (إلا ما أرى) لنفسي (وما أهديكم) أي: