(وأفوض أمري إلى الله) أي: أرده، وذلك أنهم تواعدوه لمخالفته دينهم (إن الله بصير بالعباد) أي: بأوليائه وأعدائه.
ثم خرج المؤمن عنهم، فطلبوه فلم يقدروا عليه، ونجا مع موسى لما عبر البحر، فذلك قوله [تعالى]: (فوقاه الله سيئات ما مكروا) أي: ما أرادوا به من الشر (وحاق بآل فرعون) لما لجوا في البحر (سوء العذاب) قال المفسرون: هو الغرق.
قوله تعالى: (النار يعرضون عليها غدوا وعشيا) قال ابن مسعود وابن عباس: إن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود يعرضون على النار كل يوم مرتين فيقال: يا آل فرعون هذه داركم.
وروى ابن جرير قال: حدثنا عبد الكريم بن أبي عمير، قال: حدثنا حماد بن محمد البلخي قال:
سمعت الأوزاعي، وسأله رجل، فقال: رأينا طيورا تخرج من البحر فتأخذ ناحية الغرب بيضا، فوجا فوجا، لا يعلم عددها إلا الله، فإذا كان العشي رجع مثلها سودا، قال: وفطنتم إلى ذلك؟ قال:
نعم، قال: إن تلك الطير في حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا، فترجع إلى وكورها وقد احترقت رياشها وصارت سوداء، فينبت عليها من الليل رياش بيض، وتتناثر السود، ثم تغدو ويعرضون على النار غدوا وعشيا، فذلك دأبها في الدنيا، فإذا كان يوم القيامة قال الله عز وجل: (أدخلوا آل فرعون أشد العذاب). وقد روى البخاري ومسلم في " الصحيحين " من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي، إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة ".
وهذه الآية تدل على عذاب القبر، لأنه بين ما لهم في الآخرة فقال: (ويوم تقوم الساعة ادخلوا) قرأ ابن كثير، وابن عامر، وأبو بكر وأبان عن عاصم: " الساعة ادخلوا " بالضم وضم الخاء على معنى الأمر لهم بالدخول، والابتداء على قراءة هؤلاء بضم الألف. وقرأ الباقون: بالقطع مع كسر الخاء على جهة الأمر للملائكة بإدخالهم، وهؤلاء يبتدئون بفتح الألف.
وإذا يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار (47) قال الذين استكبروا إنا كل فيها إن الله قد حكم بين العباد (48) وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب (49) قالوا أولم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال (50)