وقد شرحنا هذا في قوله [عز وجل]: (وإلى الله ترجع الأمور) وقال ابن قتيبة: من توهم أن الظهار لا يقع [حتى] يلفظ به ثانية، فليس بشيء، لأن الناس قد أجمعوا أن الظهار يقع بلفظ واحد. وإنما تأويل الآية: أن أهل الجاهلية كانوا يطلقون بالظهار، فجعل الله حكم الظهار في الإسلام خلاف حكمه عندهم في الجاهلية، وأنزل قوله [عز وجل]: (والذين يظاهرون منكم من نسائهم) يريد في الجاهلية ثم " يعودون لما قالوا " في الإسلام، أي: يعودون لما كانوا يقولونه من هذا الكلام، (فتحرير رقبة) قال المفسرون: المعنى: فعليهم، أو فكفارتهم تحرير رقبة، أي:
عتقها. وهل يشترط أن تكون مؤمنة؟ فيه عن أحمد روايتان.
قوله [عز وجل]: (من قبل أن يتماسا) وهو: كناية عن الجماع على أن العلماء قد اختلفوا هل يباح للمظاهر الاستمتاع باللمس والقبلة؟ وعن أحمد روايتان. وقال أبو الحسن الأخفش:
تقدير الآية " والذين يظاهرون من نسائهم فتحرير رقبة لما قالوا ثم يعودون إلى نسائهم.
يفصل إذا وطئ المظاهر قبل ان يكفر أثم، واستقرت الكفارة، وقال أبو حنيفة: يسقط الظهار والكفارة. واختلف العلماء فيما يجب عليه إذا فعل ذلك، فقال الحسن، وسعيد بن المسيب، وطاوس، ومجاهد، وإبراهيم، وابن سيرين: عليه كفارة واحدة، وقال الزهري، وقتادة في آخرين: عليه كفارتان. فإن قال: أنت علي كظهر أمي اليوم، بطل الظهار بمضي اليوم، هذا قول أصحابنا، وأبي حنيفة، والثوري، والشافعي، وقال ابن أبي ليلى، ومالك، والحسن بن صالح: هو مظاهر أبدا.
واختلفوا في الظهار من الأمة، فقال ابن عباس: ليس من أمة ظهار، وبه قال [سعيد بن المسيب، والشعبي، والنخعي، و] أبو حنيفة، والشافعي، وقال سعيد بن جبير، وطاوس، وعطاء، والأوزاعي، والثوري، ومالك: هو ظهار. ونقل أبو طالب عن أحمد أنه قال: لا يكون مظاهرا من أمته، ولكن يلزمه كفارة الظهار، كما قال في المرأة إذا ظاهرت من زوجها لم تكن مظاهرة، وتلزمها كفارة الظهار.
واختلفوا فيمن قال أنت علي كظهر أبي فقال مالك هو مظاهر وهو قول أصحابنا وقال أبو حنيفة والشافعي، لمن لا يكون مظاهرا.