بإلقاء الباء، وهي قراءة عبد الله " ما هن بأمهاتهم "، ومثله،: (ما هذا بشرا)، المعنى: ما هذا ببشر، فلما ألقيت الباء أبقي أثرها، وهو: النصب، وعلى هذا كلام أهل الحجاز. فأما أهل نجد، فإنهم إذا ألقوا الباء رفعوا، وقالوا: " ما هن أمهاتهم " و " ما هذا بشر " أنشدني بعض العرب:
ركاب حسيل آخر الصيف بدن * وناقة عمرو ما يحل لها رحل ويزعم حسل أنه فرع قومه * وما أنت فرع يا حسيل ولا أصل قوله [عز وجل]: (وإنهم) يعني: المظاهرين (ليقولون منكرا من القول) لتشبيههم الزوجات بالأمهات، والأمهات محرمات على التأبيد، بخلاف الزوجات (وزورا) أي: كذبا (وإن الله لعفو غفور) إذا شرع الكفارة لذلك.
قوله [عز وجل]: (ثم يعودون لما قالوا) اللام في " لما " يعني " إلى " والمعنى: ثم يعودون إلى تحليل ما حرموا على أنفسهم من وطء الزوجة بالعزم على الوطء، قال الفراء: معنى الآية:
يرجعون عما قالوا، وفي [نقض] ما قالوا. وقال سعيد بن جبير: المعنى: يريدون أن يعودوا للجماع الذي قد حرموه على أنفسهم. وقال الحسن، وطاوس، والزهري: العود: هو الوطء.
وهذا يرجع إلى ما قلناه. وقال الشافعي: هو أن يمسكها بعد الظهار مدة يمكنه طلاقها فيها فلا يطلقها. فإذا وجد هذا، استقرت [عليه] الكفارة، لأنه قصد بالظهار تحريمها، فإن وصل إلى ذلك بالطلاق فقد جرى على ما ابتدأه، وإن سكت عن الطلاق، فقد ندم على ما ابتدأ به، فهو عود إلى ما كان عليه، فحينئذ تجب الكفارة. وقال داود: هو إعادة اللفظ ثانيا، لأن ظاهر قوله [عز وجل]: (يعودون) يدل على تكرير اللفظ. قال الزجاج: وهذا قول من لا يدري اللغة. وقال أبو علي الفارسي: ليس في هذا كما ادعوا، لأن العود قد يكون إلى شيء لم يكن الإنسان عليه.
قبل وسميت الآخرة معادا، ولم يكن فيها أحد ثم عاد إليها. قال الهذلي:
وعاد الفتى كالكهل ليس بقائل سوى أهل الحق شيئا واستراح العواذل